الدروز في وجه ممارسات قضم الحقوق… رسالة وتحذير
نادر حجاز – الأنباء
لم يسبق أن شهد لبنان زمناً تدار فيه البلاد وتشكيل كما هو حاصل هذه الأيام خارج كل الأصول؛ وبمقاييس مصالح اضيق من فئوية، يحمل أصحابها شعارات طنانة رنانة يتزيّنون بها لإخفاء باطن المحاصصة المقيت.
وإذا كان في مقابل هذا النهج الاستئثاري، قد مارست طائفة الموحدين الدروز، المؤسِّسة للبنان ولكيانه السيد الحر المستقل منذ مئات السنين، نهجاً وطنياً بامتياز تنازلت فيه وعن قناعة بضرورة الخلاص من تقاسم الحصص؛ عن حقوق ومكتسبات؛ والهدف النبيل كان تحقيق انتظام عمل المؤسسات الدستورية واستقرار البلد، فإن البعض الذي يعطّل البلد لسنوات كرمى عيون توزير أحدهم، فهم حرص الطائفة في غير محله. وباتت الأمور على حد قول الشاعر المتنبي: “… إذا أنت أكرمت اللئيم تمرّدا”.
وفيما لم يتصرف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يوماً من منطلق طائفي رغم تمثيله الواسع والعريض للشريحة العظمى من طائفة الموحدين الدروز؛ فهو قدّم في مقابل الممارسات المذهبية نموذجاً للعمل الوطني إلى درجة حاول فيها اخصامه استخدام ذلك في محاولة لاستمالة قلة من أبناء الطائفة. لكنه لم يتمسك يوماً بحصة وزارية أو بوزارة بعينها، رغم أن الدروز مروا على وزارات سيادية كالدفاع والداخلية؛ وعلى حقائب أساسية كوزارة الاشغال او وزارة الصحة او التربية، وتركوا فيها بصمات وإنجازات واضحة على المستوى الوطني الجامع، وكان الهم الأول والأخير الناس والوطن.
اليوم يذهب الأوصياء على عملية تأليف الحكومة إلى اختصار تمثيل الموحدين الدروز بوزير واحد وفي حقيبة ثانوية، ضاربين عرض الحائط السياق التاريخي التأسيسي لهذه الطائفة ولنضالاتها، متناسين أن أسلوب توزيع الوزارات ما بين سيادية وخدماتية وحصرها بقوى سياسية أو طائفية دون غيرها لم يعد بالامكان السكوت عنه بعد اليوم؛ من قبل طائفة تولت في أصعب المراحل تكريس وجود لبنان.
هذا التمادي دفع بوليد جنبلاط الى اطلاق تحذير عالي اللهجة قائلا: “بالأساس فإن الأقنعة ساقطة واللعبة مكشوفة. ان تفاهم البوارج التركية والاتصالات بين البرتقالي والأزرق والذي خرب البلاد يبدو يتجدد بصيغة أخرى مع لاعبين جدد في حكومة التكنوقراط الشكلية وهيمنة اللون الواحد. لكن احذر من احتقار الدروز وحصرهم بموقع وزارة البيئة بأمر من صهر السلطان”.
هذا الموقف لاقاه فيه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن الذي أكد بعدم القبول الا بكامل حق الدروز في التمثيل، وكذلك الوزير السابق وئام وهاب وكذلك رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان الذي رفض اي تمثيل ينتقص من حق الدروز.
وبما أن المعلومات تؤكد أن الاتصالات الحكومية وصلت الى مراحل ختامية، فالرسالة واضحة بأن ما كُتب في الغرف المغلقة لا بد من إعادة صياغته على مستوى التمثيل الدرزي اذا كانت هذه الحكومة ومن يقف خلفها لا يريد استفزاز شارع لبناني جديد ومكوّن وجودي أساسي.