من ستكون “الوزيرة الملكة”؟
كلير شكر – نداء الوطن
نظرياً، كان يفترض أن تكون الولادة الحكومية، قبل أيام، وحتى أسابيع. كل المؤشرات بدت في أكثر من جولة، ايجابية وتكاد تقترب من لحظة خروج التركيبة من عنق الخلافات بين “القابلات القانونيات”. نظرياً، لا تزال المشاورات قائمة بحثاً عن صيغة ترضي “آباء” الحكومة السياسيين، وهؤلاء حاجة ماسة لأي حكومة عليها الوقوف أمام البرلمان طالبة الثقة. ولا بدّ بالتالي من المواءمة بين مطالب القوى الداعمة للحكومة وبين مزاج الشارع المنادي بتوزير شخصيات من صنف الاختصاصيين توكل إليهم قيادة الدفّة. نظرياً أيضاً، لا تزال مهمة رئيس الحكومة المكلف حسّان دياب ضمن الاطار الزمني المعقول والمقبول، حتى لو تخطت المهلة التي وضعها الرجل لنفسه، والمقدّرة بين شهر وستة أسابيع، على اعتبار أنّ الطبخات الحكومية عادة ما تستهلك أشهراً من الزمن قبل نضوجها وخروجها إلى الضوء. ولكن عملياً، تحيط بالمشاورات الحكومية ظروف كارثية تسقط عنها القواعد الكلاسيكية التي كانت تسري على قواعد تأليف الحكومات السابقة. وتكفي استعادة مشاهد أعمال الشغب والاعتداءات والتخريب التي شهدتها نهاية الأسبوع والتي قاربت حدود إراقة الدماء، للإشارة إلى أنّ التحديات التي تواجه حكومة حسّان دياب استثنائية بكل المقاييس والمعايير، ما يعني انتفاء ترف الوقت مقابل إهداره في أخذ وردّ لا طائل منه، خصوصاً وأنّ الحكومة ذات طابع موقت وذات مهمة محددة وبالتالي إنّ البحث في جنس ملائكة الوزراء، لا يؤتي ثماره، لا بل يزيد الأزمة تعقيداً. وعملياً، تتصرف بعض القوى السياسية الراعية لهذه الحكومة بكثير من الاستخفاف وانعدام المسؤولية في مواجهة أخطر أزمة اجتماعية واقتصادية ومالية تحاصر المالية العامة، وها هي تتحول إلى أمنية قد تهدّد الاستقرار برمته. ورغم المساعي الحثيثة التي يقودها “حزب الله” مع حلفائه لتحقيق التقدم المنشود والاختراق المطلوب، لا تزال الحكومة مطوّقة بخلافات أبناء الصفّ الواحد، ما يدفع بعض المراقبين إلى القفز فوق الحدود للبحث عن قطبة مخفية خارجية لا تزال حتى اللحظة تحول دون تسليم سعد الحريري الدفّة لخلفه. وعملياً، لا تزال حكومة حسّان دياب عند معادلة: 18 أو 20. حتى الأمس القريب كان رئيس الحكومة المكلف يرفض المسّ بالقواعد التي وضعها للتأليف، متخذاً من صيغة الـ18 درعاً حامياً له أمام الشارع المنتفض الرافض للصيغ الفضفاضة، التي تشكل واحداً من مسارح هدر المال العام، ولذا أصرّ على الصيغ الضيقة. ولكن بعد استفحال العقد الحكومية، يبدو أنّ دياب لم يعد يمانع في مناقشة صيغة العشرين وزيراً إذا كانت تكتنز الحلّ السحري لولادة حكومته. ومع ذلك يقول مقربون منه إنّ العقد التي تحول دون ولادة حكومة الـ18 وزيراً هي نفسها التي تحول دون ولادة الحكومة العشرينية، وبالتالي إنّ معالجة الخلل أسهل في الصيغة الأصغر لأنه كلما كبر حجم الحكومة كلما زادت عقدها. وفي هذا السياق يتردد أنّه من بين الأفكار المطروحة للمعالجة الحكومية توسيع الحكومة لتضمّ وزيراً كاثوليكياً وآخر درزياً، في سبيل معالجة اشكالية تمثيل “تيار المردة”. لكن هذه الصيغة دونها عقبات أهمها اعتراض الأقليات والمطالبة بتمثيلهم في الصيغة العشرينية، وتكريس سابقة حصول الدروز على حصّة توازي نصف حصّة الشيعة والسنة. فضلاً عن أنّ المطروح وفق هذه الصيغة هو تجيير المقعد الدرزي لمصلحة “الحزب القومي” الأمر الذي يثير اعتراض القيادات الدرزية. ويؤكد المطلعون على مسار المشاورات أنّ اللقاءات التي عقدها دياب خلال الساعات الأخيرة والتي بدأها مع رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي سعى لإقناع رئيس الحكومة المكلف برفع عدد وزرائه، ومن ثم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستكملت مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بحضور الخليلين (علي حسن خليل وحسين الخليل)، طرحت العديد من الصيغ التي قد تساعد على حلحلة العقد القائمة، والتي لا تزال موضع أخذ وردّ. ويبدو أنّ البحث جار عن مرشّحة للتوزير تكون مقبولة من أكثر من طرف سياسي وتحديداً من “المردة” و”الحزب القومي”، لتكون بمثابة “وزيرة ملكة” تحلّ الأزمة الناشئة، خصوصاً وأنّ طباخي الحكومة تجاوزوا إشكالية الثلث المعطل، بعدما تمّ التثبت أنّ الحصة المسيحية المسمّاة نظرياً على رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر”، ليست محسوبة عليه بشكل تلقائي ولا تدور مكوناتها حتى في الفلك العوني، وهذا ما تولى دياب شرحه لفرنجية.