ما وراء “الإستقالة أشرف”… وما علاقة هذا التقرير؟
أتت العظة العالية السقف لمطران أبرشيّة بيروت للموارنة بولس عبد الساتر بعد ساعات قليلة على زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الفاتيكان ولقائه البابا فرنسيس، الأمر الذي أثار علامة إستفهام حول ارتباط بتوجّه جديد للفاتيكان حيال وضع لبنان. ما أن انتهى قداس عيد مار مارون حتى تكثّفت الإتصالات في الكواليس السياسيّة – الروحيّة، وحتّى الدبلوماسيّة، لمعرفة خلفيّة المواقف الناريّة التي أطلقها عبد الساتر، خصوصاً عبارة “وإلاّ الإستقالة أشرف” التي استخدمها وجهاً لوجه أمام الرؤساء الثلاثة لدعوتهم إلى التراجع عن مواقعهم في حال فشلوا في الإصلاح الإجتماعي والإقتصادي. كلّ جهةٍ تعاطت مع كلامه من زاويتها وعلى قياسها، حيث انطلق البعض من أنّ “دعوة الإستقالة كانت تستهدف رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون”، وهو ما لم يُحدّده المطران بل اعتمد صيغة التسمية الثلاثيّة. يفصل مصدر كنسيّ رفيع، في حديث لموقع mtv، زيارة الراعي إلى الفاتيكان عن مواقف عبد الساتر، على اعتبار أنّ “أيّ توجّه فعليّ جديد لم يصدر عن رأس الكنيسة لا قبل لقائه البابا ولا بعده”، موضحاً أنّ “لدى راعي أبرشيّة بيروت كامل الصلاحيّة لإطلاق مُبادرة فرديّة في خطابه على المستوى الوطنيّ، سيّما أنّه يعزّز مواقف بكركي”. ويُفيد بأنّ “ما صدر عن عبد الساتر من توصيف مدوٍّ للوقع الإقتصادي والإجتماعي والسياسي الذي وصلنا إليه، هو نتيجة نيّة وقرار بإظهار موقف متقدّم للكنيسة المارونيّة في مناسبة إستثنائيّة كهذه، فكان توجّه مطران العاصمة تجاوز الإستراتيجية العامة التي يتبعها الفاتيكان وبكركي، وصولاً إلى التكتيك وخارطة التنفيذ التي تطرحها السلطة الروحيّة في لبنان، علماً أنّ المعطيات التي في حوزتها تُنبئ بالوصول تدريجياً، خلال الأشهر المقبلة، إلى تبدّل ديمغرافي سيّء سيُطيح التوازن الداخلي في حال لم يتمّ التحرّك بشكل طارئ، وهو ما أشار إليه في الحديث عن “مقاومة التوطين والتجنيس والحفاظ على حق كل لاجئ ونازح في العودة إلى أهله وبلده”. ولا يكتفي المصدر بالغوص في مضمون العظة، بل يذهب أبعد من ذلك عندما يضع الإصبع على “تقرير موثَّق حصلت عليه دوائر الفاتيكان، ويُفيد بوجود أكثر من ٦٠ ألف مهاجر لبناني ترَكوا البلد منذ ٧ أشهر حتّى اليوم، بينهم ٣٠ ألف مسيحياً توزّعوا على مختلف دول العالم في ظروف معيشيّة سيّئة لا تختلف كثيراً عمّا عانوه في لبنان”، مُشيراً إلى أنّ “التقرير تضمّن مساراً زمنياً سيّئاً للأرقام الإقتصاديّة والماليّة لخزينة الدولة في حال لم تحصل أيّ صدمة نوعيّة في الإدارة أو خطوة دوليّة تمنح فرصة جديدة للبنان”. والأهمّ ما يكشفه المصدر حول “حوار حصل بين نائب الرئيس الأميركي مايك بنس والبابا فرسيس، خلال زيارة بنس إلى الفاتيكان منذ شهرين، بشأن الوضع المصيريّ الذي يواجهه مسيحيّو لبنان، في ظلّ تمسّك فريق واحد للمفاصل القرار والحكم في الدولة”، كاشفاً أنّه تحور حول “كيفيّة التدخّل ووضع اليد مُباشرةً في الملف اللبناني، والمسيحي بشكل خاص، إلاّ أنّ أيّ إشارات عمليّة واضحة لم تظهر حتى الآن سياسياً”. من هنا، يكون المعنى “في قلب المطران”، وبين سطور العبارة التي هزّت البلد في الساعات الأخيرة: “وإلاّ فالإستقالة أشرف”.
MTV