تفاصيل تبرئة و”تهريب” العميل عامر الفاخوري
منير الربيع – المدن
سريعاً، وقبيل إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي يوم الأربعاء. وجد أصحاب الحكم صيغة لإطلاق سراح العميل عامر الفاخوري، وتأمين خروجه من لبنان. هو حتماً لن يخرج من المطار كغيره من المسافرين. طائرة صحية خاصة ستصل من واشنطن لتقله إلى هناك. قد يتم تسليمه إلى السفارة الأميركية التي ستتولى عملية إخراجه من لبنان، ليسجل دونالد ترامب إنجازاً جديداً لإدارته، يستخدمه شعبياً في انتخاباته المقبل عليها. إذ كان ترامب يتولى شخصياً متابعة ملف الفاخوري، الذي يحمل جنسية أميركية وجواز سفر إسرائيلياً. لم يعد أمام السلطة الحاكمة أي فرصة أو وقت لإضاعته، لا بد من الاستفادة من حالة التعبئة العامة، وتلهي الناس بأزمة كورونا، للعمل على إطلاق سراحه. وهذا “واجب” بالنسبة إلى المعنيين، قبل إنجاز التشكيلات القضائية وحصول أي تغيير فيها.
الجمهوريون والديموقراطيون والسفيرة
كان الفاخوري عنوان تجاذب بين الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن. وقد اجتمع نواب الحزبين على وجوب إطلاق سراحه واستعادته، وصولاً إلى حدّ التقدم بمشروع قانون إلى الكونغرس ومجلس الشيوخ لفرض عقوبات على لبنان، بسبب احتجاز حرية مواطنين أميركيين. وزير الخارجية مايك بومبيو هدد أكثر من مرة بأن لبنان سيكون أمام عقوبات وخيمة وقاسية، بحال استمر في احتجاز فاخوري. وقد أجرى الوزير الأميركي أكثر من اتصال بالمسؤولين اللبنانيين لإيجاد أي ذريعة لإطلاق سراحه.
قبيل مغادرة السفير الأميركية
اليزابيت ريتشارد لبنان، لمناسبة إنتهاء مهامها، طالبت كل المسؤولين
بإطلاق سراح العميل، وأملت أن يرافقها إلى الولايات المتحدة الأميركية. لكن
رجاءها لم يتحقق، فيما حصلت على وعد بأن يتم العمل على إطلاق سراحه
سريعاً. وصلت السفيرة الأميركية الجديدة دورثي شيا إلى بيروت. وعند لقائها
مع رئيس الجمهورية والمسؤولين الآخرين، جددت المطالبة بفاخوري، محذرة من أن
يؤدي استمرار توقيفه إلى مزيد من التشدد الأميركي على لبنان.
موقف حزب الله
كثف
الأميركيون من ضغوطهم. تلقى رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحرّ
جبران باسيل أكثر من رسالة، حول ضرورة إنهاء هذا الملف. طلب باسيل من حزب
الله ثلاث مرات مساعدته على إطلاق سراح فاخوري. لكن الحزب لم يعط جواباً
واضحاً، مفضلاً عدم التدخل بهذا الموضوع، لأنه لا يمكن التساهل في هكذا
قضية ستثير اللبنانيين. كما أن الحزب لم يكن مستعداً لتكرار تجربة العميل
فايز كرم. أصر باسيل على طلبه. فطلب مساعدة حزب الله له بشكل شخصي، لأن
استمرار توقيف فاخوري سيؤدي إلى فرض عقوبات على باسيل، خصوصاً أن هناك
رأياً أميركياً بأنه تم تشجيع فاخوري على العودة في ظل إثارة ملف إعادة
المبعدين من إسرائيل، ولكن تم توقيفه والجميع أراد التنصل منه.
كرر باسيل مطالبه، لتجنب تعرضه لعقوبات أميركية. وهو كان يبحث مع حلفائه السياسيين في كيفية تحسين علاقاته الخارجية، واتخاذ مواقف تؤدي إلى إعادة تعويمه دولياً، بعد كل المشاكل التي عاناها سابقاً، والتي بحال استمرارها ستؤدي إلى المزيد من محاصرته.
جلسة سرية
عندما ضاقت السبل والذرائع بأصحاب الحكم والسلطة، لجأوا إلى توليفة قانونية لإطلاق سراح فاخوري، من خلال اجتراح صيغة تم تطبيقها على مقاتلي الحرب الأهلية، بذريعة سقوط الاتهامات الموجهة إليه بفعل مرور الزمن، بالإضافة إلى تقديم وكلائه دفوعاً شكلية، جرى قبولها لإطلاق سراحه.
ولهذه الغاية، عقدت جلسة المحكمة العسكرية بشكل سري يوم الأحد 15 آذار الحالي، وطرح ملف الفاخوري على التصويت. وصوّت لصالح إطلاق سراحه ثلاثة قضاة بينهم رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين العبد الله، والمدعي العام القاضي بيتر جرمانوس. وفيما حاول أهل الحكم قبل فترة الضغط على القاضية نجاة أبو شقرا لإطلاق سراحه، أو تحميلها ومن خلفها وليد جنبلاط مسؤولية الإبقاء على توقيفه، ليتعرض إلى ضغوط أميركية.. إلا أن أبو شقرا صوتت ضد القرار. وفي الأساس، هناك إصرار من قبل أهل الحكم على تبديلها من منصبها بسبب قرارها الأول الذي طلب إنزال حكم الإعدام بحق الفاخوري.
طعن بالحكم؟
ومساء الاثنين، 16 آذار، كشف مصدر قضائي بارز لـ”المدن” أن النيابة العامة التمييزية تتجه إلى الطعن بالحكم، الذي صدر بعد ظهر اليوم عن المحكمة العسكرية الدائمة، برئاسة العميد حسين عبدالله، وقضى بكف التعقبات عن عامر الفاخوري.
وأكد المصدر أن النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، طلب من مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية، القاضي غسان الخوري، التقدم بطلب نقض الحكم الذي صدر اليوم عن المحكمة العسكرية، وأن يطلب من محكمة التمييز قبول النقض وإعادة محاكمة الفاخوري من جديد، وادانته بالجرائم المسندة إليه في القرار الاتهامي، وهي خطف مواطنين لبنانيين وحجز حرياتهم وتعذيبهم وقتل ومحاولة قتل آخرين، داخل سجن الخيام قبل العام 2000، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام