أمل العالم: أهم التجارب التي تُجرى حالياً لعلاج لكورونا
لم يستثنِ فيروس كورونا المستجد أياً من الدول، مهما بلغت
درجات تطورها العلمي، وقد انقض على العالم وشل حركته في غياب لقاح أو علاج.
وبينما تُعقد الآمال على الباحثين والمختبرات العلمية التي دخلت في سباق
محموم للحد من أثار هذا الفيروس المدمر، تُجرى حالياً تجارب عدة لإيجاد
عقار مناسب، كون توفر اللقاح لا يمكن توقعه في المستقبل المنظور.
أكبر تجربة عشوائية في بريطانيا
بدأت
بريطانيا أكبر تجربة سريرية عشوائية في العالم على العلاجات المحتملة
لفيروس كورونا، كجزء من السباق لإيجاد العقار الأفضل. وقد جندت حتى الآن ما
يقرب من ألف مريض من 132 مستشفى. ومن المتوقع أن ينضم الآلاف إلى التقييم
العشوائي لعملية COVID-19 Therapy (RECOVERY) في الأسابيع المقبلة، ما
يجعلها أكبر تجربة عشوائية لعلاج الفيروس المستجد في العالم.
عن هذه التجربة، قال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك: “تقود المملكة المتحدة الطريق في البحث على العلاجات، وقد أطلقنا الآن أكبر تجربة في العالم، بتجميع الموارد مع قطاع علوم الحياة الرائد عالمياً”.
يتم تنسيق التجربة من قبل باحثين في جامعة “أكسفورد”، بقيادة بيتر هوربي، أستاذ الأمراض المعدية الناشئة والصحة العالمية في قسم نوفيلد للطب، ومارتن لانداي، أستاذ الطب وعلم الأوبئة في قسم صحة السكان في نوفيلد.
تُعتبر هذه التجربة بمثابة استجابة بحثية سريعة. لذلك، حظيت
بدعم حكومي بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني لدعم البحث عن طرق لمعالجة تفشي
الفيروس التاجي. وهي تتبع إجراءات حاسمة من قبل منظم الأدوية في المملكة
المتحدة لتسريع التجارب السريرية لعلاجات الفيروسات التاجية المحتملة.
الأدوية المستهدفة
تختبر
التجربة عدداً من الأدوية التي أوصت بها لجنة خبراء تقدم المشورة
للبروفيسور كريس ويتي، كبير الأطباء في المملكة المتحدة. وتشمل:
– لوبينافير/ريتونافير، والذي تنتجه أبوت تحت اسميّ كاليترا وألوفيا، وهو أحد أدوية مضادات الفيروسات القهقرية المركبة، ذات الجرعات الثابتة التي تستخدم في علاج متلازمة العوز المناعي المكتسب.
– ديكساميثازون، وهو عبارةٌ عن كورتيكوستيروئيد، ذي فعالية يمنع إفراز المواد المسؤولة عن الالتهاب.
– هيدروكسي كلوروكين، وهو علاج للملاريا كثُر الحديث عنه في الأيام الأخيرة.
النتائج النهائية التي تحدد ما إذا كانت العلاجات آمنة وفعالة
متوقعة في غضون أشهر، وإذا كانت إيجابية، فإنها يمكن أن تفيد مئات الآلاف
من الناس حول العالم.
تجربة “ديسكفوري”
انطلقت في أواخر
آذار المنصرم، اختبارات سريرية فرنسية- أوروبية تحت اسم “ديسكفوري” الرامية
إلى التدقيق في فعالية 4 علاجات تجريبية مضادة لفيروس كوفيد-19.
ضمّت لائحة الأدوية الخاضعة حالياً للتجارب السريرية العقاقير الأربعة التالية: ريمديسيفير، لوبينافير، إنتيرفيرون بيتا، هيدروكسي كلوروكين. ولمعرفة مدى فعالية هذه الأدوية الأربعة في قهر الالتهابات ووقف النزيف الحاصل في وفيات الكورونا، سيجرّب الخبراء الفرنسيون من معهد البحوث الوطنية Inserm، بمساعدة خبراء من 7 بلدان أوروبية، عمليات دمج ومزاوجة بعض الأدوية ببعضها البعض.
تشمل هذه الدراسة 3200 مريضاً في أوروبا، منهم 800 في فرنسا. وقد بدأت في عدد قليل من المستشفيات الجامعية (في باريس وليون ونانت وليل) لتمتد بعدها تدريجياً إلى عشرات المراكز.
تحتاج هذه التجربة السريرية إلى فترة 6 أسابيع ما قبل صدور
النتائج الرسمية حولها. غير أنّ القوة المنبثقة منها تكمن في طبيعتها
التكيّفيّة، هذا يعني أنه سيكون بوسعها التخلّي السريع عن العلاجات غير
الفعالة ضد فيروس كورونا المستجد، وأن تستبدلها بجزيئات كيميائية أخرى
تنبثق أثناء مجريات البحث.
تجربة “إيكوفيد”
باشر باحثون
فرنسيون، قبل أيام، دراسة واسعة النطاق لبتّ قضية استخدام العقارين
المضادين للملاريا “الكلوروكين” و”الهيدروكسيكلوروكين” لعلاج كورونا. وأعلن
فريق من مركز “أنجيه” الاستشفائي الجامعي بدء دراسة، تعتمد المعايير
العلمية والمنهجية، وتشمل 1300 مصاب بكورونا، وتُجرى “في ظروف لا تترك
مجالاً للشك في تحليل النتائج”.
أُطلق على الدراسة اسم “إيكوفيد”، وهي تعتمد على “التعمية المزدوجة”، أي أنه لا الأطباء ولا المرضى يعرفون إن كان المريض يتلقى عقار كلوروكين، أو عقاراً وهمياً، وتشمل مرضى يزيد عمرهم عن الخامسة والسبعين، أو يحتاجون إلى الأوكسجين للتنفس من دون أن يكونوا مصابين “بضائقة تنفسية حادة”.
وكان البروفيسور ديدييه راوولت، قد نشر قبل بضعة أيام دراسة
ثانية، شملت هذه المرة ثمانين مريضاً، تلقوا جميعهم علاجاً يتضمّن مزيجاً
من “هيدروكسي كلوروكين” وعقار “أزيترومايسين”، وهو مضاد حيوي معروف، يستخدم
في القضاء على التهابات بكتيرية ثانوية. وكتب راوولت، مع فريقه من المعهد
الاستشفائي الجامعي “مديتيرانيه أنفيكسيون”، في مرسيليا، عن تأكيده لفاعلية
استخدام “هيدروكسي كلوروكين” مع “أزيترومايسين” في معالجة كوفيد-19.
تجربة معاهد الصحة الوطنية الأميركية
بدأت
معاهد الصحة الوطنية الأميركية في الخامس والعشرين من شباط المنصرم، تجارب
سريرية عشوائية للتحقيق في مدى سلامة وفاعلية استخدام عقار”ريميدسفير”
التجريبي على مرضى كوفيد- 19. وكان أول مَن قرر التطوع لهذه التجارب مواطن
أميركي، كان قد عاد إلى وطنه بعد الحجر الصحي عليه على متن السفينة
“دايموند برنسيس” التي رست في يوكوهاما باليابان.
جرى فحص جميع المشاركين في التجربة قبل بدايتها للتأكد من
ملاءمتهم، إذ اقتصرت المشاركة على الحالات المؤكد إصابتها بالفيروس، في حين
تم استبعاد الأشخاص المصابين بأعراض خفيفة تشبه نزلات البرد.
تجربة في ثلاثة دول على عقار لأمراض الرئة
وعلى
صعيدٍ متصل بالجهود العلمية المبذولة لإيجاد عقار، أعلنت شركة “APEIRON
Biologics AG” النمساوية، أنها حصلت على موافقات تنظيمية في النمسا
وألمانيا والدنمارك لبدء تجربة سريرية للمرحلة الثانية على عقار APN01
الخاص بعلاج أمراض الرئة الحادة للتأكد من فاعليته في علاج مرضى فيروس
كورونا المستجد.
تهدف تجربة المرحلة الثانية إلى علاج 200 مريض مصاب بفيروس كورونا من الحالات الحرجة. وبحسب العلماء الذين يشاركون في الدراسة، يمكن أن يحد هذا الدواء الذي تم اختباره بالفعل ضد أمراض الرئة، من تأثير فيروس كورونا عن طريق تقليل كمية الفيروس التاجي التي تدخل الرئتين والأعضاء الأخرى.
يقول علي ميرازيمي، الأستاذ المساعد في قسم الطب المخبري في معهد كارولينسكا، وأحد المشرفين على الدراسة: “تقدم دراستنا رؤى جديدة حول كيفية إصابة فيروس كورونا لخلايا الجسم، بما في ذلك في الأوعية الدموية والكلى، وأمل أن تساهم نتائجنا في تطوير علاج دوائي جديد يمكن أن يساعد المرضى”.