وداعاً لعاملات المنازل: غموض يلفّ ترحيلهن..
الغموض الذي يلف عودة العاملات في الخدمة المنزلية إلى أثيوبيا، في الرحلات التي ستقلّهم من لبنان، لا يقل عن غموض أحوالهن ووضعهن داخل بيوت اللبنانيين، بعدما باتت رواتبهن أقل من 60 دولاراً. فلا قنصلية بلادهم تعرف عدد الراغبين بالعودة وموعدها، ولا “الأمن العام” يعلم أعدادهن، ولا أصحاب مكاتب الاستقدام، ولا المنظمات الدولية قادرة على الوصول إليهن لتوثيق الانتهاكات.
لا معلومات
فوفق مصادر “الأمن
العام”، أمنت الدولة الأثيوبية عشر طائرات، ستبدأ أولى الرحلات يوم
الأربعاء 20 أيار، مشيرة إلى عدم توفر معلومات عن أعداد اللواتي سيعدن إلى
بلادهن. لكن القنصلية الأثيوبية في بيروت لفتت إلى عدم معرفتها بالأمر.
من ناحيته، أكد نقيب أصحاب مكاتب استقدام عاملات المنازل في لبنان، علي الأمين، أن عودة العاملات ما زالت غامضة. وجلّ ما حصل هو الموافقة على الرحلات. حتى السفارة الأثيوبية لم تعلن أي تفاصيل عن الموضوع إلى حد الساعة، ولا عدد الرحلات وعدد اللواتي سيعدن وأسعار بطاقات السفر. كل ما في الأمر أنه أعطي الإذن بتسيير عدد من الرحلات. وسيكون هناك مرحلتين للعودة. الأولى ستضم السيدات اللواتي لديهن مشاكل في الإقامات وإجازات العمل، أو موقوفات لدى “الأمن العام” والمخافر، إضافة إلى السيدات الموجودات في القنصلية، أو لدى بعض المنظمات الإنسانية، بسبب مشكل قانونية في أوراق الإقامة.
بدورها لا تعلم القنصلية في بيروت عدد الراغبات في العودة.
وجلّ ما يتوفر لديها من معطيات وجود 700 سيدة سيعدن حالياً، وهن من اللواتي
موجودات في الاحتجاز لدى “الأمن العام”، ومنهن موجودات في عهدة السفارة.
ثمن بطاقات السفر
وفق
الأمين، قدمت الدولة الإثيوبية لهؤلاء السيدات تسهيلات. وسيسافرن على
حسابها بسبب وضعهن الصعب على المستوى الإنساني. وقد يخصص لهن رحلتين أو
أكثر. وهناك مرحلة ثانية للواتي يعملن في المنازل، ولديهن أوراق نظامية،
إنما لم تحدد مواعيد الرحلات بعد ولا عددهن ولا سعر البطاقات.
وإلى عدم معرفة القنصلية بتاريخ السفر، نفت أيضاً علمها بتأمين بطاقات سفر مجانية للإجلاء الإنساني أيضاً.
وعن المواطنين اللبنانيين الذين يسألون السفارة عبر صفحتها الفيسبوكية عن آلية إعادة السيدات اللواتي يعملن في بيوتهم، لفتت القنصلية إلى أنها ستسجل عددهن وتؤمن طائرة لهن وفق عددهن، وأنها ستبلغ عن أي جديد عبر صفحتها الفيسبوكية.
وعن تأمين عشر طائرات، نفت القنصلية الأمر، معتبرة أن عدد
الطائرات سيكون رهن عدد اللواتي يسجلن أسمائهن، وذلك بالتنسيق مع الأمن
العام اللبناني والجهات المعنية.
انتحار ثلاث عاملات
من
ناحيتها، أكدت مسؤولة ملف العاملات المنزليات في لبنان والأردن في منظمة
العفو الدولية، ديالا حيدر، أن “المنظمة” راسلت “الأمن العام” لمعرفة آلية
الترحيل وبعض التوضيحات عن تفاصيلها، وإذا ما كانت العاملات قد حصلن على
تعويضاتهن قبل المغادرة.. وتنتظر الإجابة.
ولفتت حيدر إلى حال العاملات المزرية، وخصوصاً الانتهاكات
الجسيمة التي أدت إلى انتحار ثلاث عاملات مؤخراً. فقد أقدمت عاملة على
الانتحار شنقاً في الغسانية (الجنوب)، وأخرى ألقت بنفسها عن الشرفة في
منطقة الزلقا (المتن) وأخرى أيضاً انتحرت في غرفتها في النبعة (المتن)،
والأخيرة من اللواتي لا يملكن أوراقاً قانونية.
الانتهاكات
إلى
ذلك وثقت “المنظمة” شكاوى عدة منذ نهاية العام 2019 وبداية الانهيار
الاقتصادي وتدهور سعر صرف الدولار. فقد باتت العاملات غير قادرات على تحصيل
رواتبهن، بسبب دفع أصحاب المنازل لهن بالعملة المحلية. كما أن العاملات
بالساعة فقدن عملهن بعد جائحة كورونا، بسبب خوف أصحاب البيوت، وعدم لجوئهم
لاستخدام عاملات لمساعدتهم في المنزل، وبسبب قرارات التعبئة العامة. وقسم
كبير من هؤلاء العاملات بتن غير قادرات حتى على دفع إيجار المنزل، ويتلقين
مساعدات من مبادرات مدنية لمساعدتهن في شراء الطعام وتسديد إيجار المنزل.
أما العاملات في المنازل، وفق نظام الكفالة، فقد زادت
الانتهاكات بحقهن. وهناك صعوبة في الوصول إليهن. إذ بتنا بفعل الحجر
المنزلي غير قادرات على التواصل مع العام الخارجي. لكن “المنظمة” وثقت
انتهاكات كثيرة، وخصوصاً أن أرباب العمل يسددون الرواتب بالليرة اللبنانية،
وعلى سعر صرف 1500 ليرة. كما أن مؤسسات التحويل كانت تحول أموالهن في
بداية الأزمة على سعر صرف ثلاثة آلاف ليرة، وبالتالي، كن يخسرن نصف راتبهن
أو نصف ما يجمعن من تعبهن.
أسباب طلب العودة
وعن
أسباب طلب العودة، لفتت مصادر الأمن العام إلى أنها كثيرة: عدم قدرة أصحاب
العمل على تسديد أجورهن بالدولار، أو انتهاء صلاحية الإقامات، ووجود
العاملات بشكل غير قانوني في لبنان، أو حتى بسبب عدم قدرتهن على تحويل
الأموال للخارج، أو حتى طواعية بعد جائحة كورونا ورغبتهن بالعودة إلى
بلادهن.
بدوره شدد الأمين على مشكلة انخفاض قيمة رواتب العاملات، موعزاً
السبب إلى ارتفاع سعر صرف الدولار وانخفاض قيمة رواتب اللبنانيين. فمن كان
يدفع مئتي دولار قديماً (300 ألف ليرة سابقاً) بات عليه دفع نحو 850 ألفا
ليرة حالياً. ولأن معظم الذين يستقدمون العاملات هم من الموظفين ورواتبهم
بالليرة اللبنانية، فقد باتوا غير قادرين على شراء الدولار بالأسعار
الحالية للسوق السوداء. إذ باتت هذه المبالغ تشكل عبئا على العائلات. كما
أن لكورونا تداعيات كبيرة بعدما توقف معظم الموظفين في المؤسسات الخاصة عن
العمل.
توقف عمل القطاع
وأضاف الأمين، إن خيار
السفر ليس وحيداً أمام العاملات، فمن ترغب منهن البقاء في لبنان يمكنها
القيام بالأمر وتستطيع نقل الكفالة لأشخاص آخرين.
ولفت الأمين إلى توقف قطاع الاستقدام بشكل كامل خلال أزمة كورونا، مؤكداً أنه وحتى بعد انتهاء أزمة كورونا، لن يعود كما كان في السابق. وسيخسر من نشاطه الاقتصادي أكثر من 80 في المئة.
المدن