الصفقات الأميركية مستمرة: حزب الله يحرر العملاء مقابل رجاله
صرّ مصادر سياسية على وضع إطلاق القضاء الأميركي سراح رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، المدان بتمويل حزب الله، في إطار قضائي بحت. ولو أنّ ما يحكى عن صفقة مبادلات – أقرب إلى العقل والمنطق من الحجة القضائية والشعور الإنساني الذي انتاب القضاء الأميركي فجأةً، فأعاد تاج الدين إلى لبنان خوفاً من إصابته بفيروس كورونا – بين بالعميل الإسرائيلي عامر الفاخوري ونزار زكّا وغيرهما، تراوحت سيناريوهات الصفقة لتؤكد وقوعها بشكل أو بآخر.
وما يعزّز نظرية التبادل تأكيد مصادر ديبلوماسية أنّه “مع تاج الدين، تم إطلاق سراح عدد من اللبنانيين الآخرين المسجونين في أميركا لاتهامهم بتمويل حزب الله والعمل لصالحه”. أما آخر المعلومات التي حصلت عليها “المدن” فتشير إلى أنّ صفقات التبادل هذه كان آخرها “إطلاق سراح لبناني من آل حمادة، سبق أن اعترف وشقيقه قبل أشهر بالعمل على مدّ حزب الله بقطع غيار وتكنولوجيا”. كما تشير المصادر نفسها إلى أنّ الشخص المذكور وصل إلى بيروت في الساعات الماضية بعد إطلاق سراحه، وسط تكتّم شديد.
صفقات مستمرة
وفي الإطار نفسه، نقلت وكالة رويترز
عن “ثلاثة مسؤولين كبار في الشرق الأوسط” أن من المتوقع أن تسفر الاتصالات
غير المباشرة بين طهران وواشنطن عن مزيد من عمليات الإفراج”. ونقلت الوكالة
عن مسؤول في الشرق الأوسط قوله إنّ “إطلاق سراح تاج الدين يأتي ضمن مسار
طويل من عمليات التبادل التي ستحدث لاحقاً على مستوى واسع. ولا يزال هناك
من سيفرج عنهم الجانبان. وستستمر هذه العمليات”. في حين تابعت الوكالة
مشيرةً إلى أنّ صفقة تاج الدين مقدمة لمزيد من الصفقات المحتملة التي تشمل
20 شخصاً، وجميع الأطراف المعنية تختبر بعضها إذ لا توجد ثقة”.
الأخوين حماده
ارتبط
اسم الأخوين أسامة وعصام حماده بقضية عرفت باسم “درونز حزب الله”.
فبالعودة إلى السجل القضائي الأميركي، تم توقيفهما في جنوب أفريقيا في شباط
2018، وتم تسليمها إلى الولايات المتحدة عام 2019. وقد اعترف الشقيقان
تباعاً بالتهم المنسوبة إليهما، إذ اعترف عصام بالتهم في مارس الماضي، أما
أسامة فخلال شهر أيار. حيث رتّب أسامة عملية شراء قطع أساسية منها وحدات
قياس تسمع رصد موقع الطائرات خلال تحليقها، وبوصلات رقمية لتوجيه الطائرات
المسيرة، إضافة على محرّكات وقطع غيار لها. وقد نشط الأخوان في هذه
العمليات بين أعوام 2009 و2014. وكانت تتمّ هذه العمليات، من خلال ترتيب
أسامة للعمليات التجارية، في حين كان عصام يحول الأموال من بيروت إلى
حسابات شركة أخيه في جنوب أفريقيا.
معادلة ثابتة
قبل
عشرين عاماً وضع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، معادلة “نحن قوم لا
نترك أسرانا في السجون”. فتحرّر بموجبها عشرات الأبطال المقاومين الذين
واجهوا العدو الإسرائيلي. وكأنّ هذه المعادلة تعود إلى الواجهة اليوم، لكن
بمفعول إقليمي، وفي سياق صفقات التبادل التي تتمّ بين الولايات المتحدة
الأميركية وإيران، وحزب الله وسوريا ضمناً. ولا يمكن فصل صفقات التبادل
التي تمّت بين الأميركيين والإيرانيين خلال الأشهر الستة الماضية عما يجري
اليوم. فجمعت الصفقات كل من نزار زكا وشيوي وانع وسام جودوين من جهة
الأميركيين، بمسعود سليمان، وخلال الشهر الأخير سيروس أصغري ومجيد طاهري.
ففي صفقات التبادل هذه مكسب للطرفين. انتصارات للطرفين، هما بأمسّ الحاجة إليها في ظروف داخلية صعبة بين انتخابات رئاسية وإخفاق بكورونا من جهة، وحصار وعقوبات من جهة أخرى. أما لغة التهديد والوعيد، فمستمرة ومن اللوازم الأساسية في حرب مستمرة إلى الآن، وتوظيفاتها الداخلية أكبر من تلك الخارجية.
المدن