شروط الحريري لترؤّس الحكومة…
أسبوعٌ على زلزال بيروت، وكأن الانفجار الهائل حصل منذ دقائق. عصفُه وثقله والفراغ الهوائي الذي خلّفه كأنه الآن لا يزال يضغط على أنفاس اللبنانيين ونفسياتهم. لا شيء حتى الساعة يبعث على بث روح إيجابية، وحدها إرادة النهوض التي اعتادها اللبنانيون تقف في صفهم.
ورغم مرور يومين تقريبا على استقالة الحكومة، لم يحدد رئيس الجمهورية ميشال عون بعد موعدا للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة، في حين تبدو الأمور مفتوحة على احتمالات عديدة في ظل إستمرار الاحتجاجات الشعبية في وسط بيروت. وفيما يستمر توافد الشخصيات العربية والدولية الى بيروت للتعبير عن تضامنهم مع لبنان واستعدادهم للمساعدة على إعادة إعمار ما خلّفه الانفجار، تتواصل الحركة المحلية في محاولة للتوصل الى قواسم مشتركة تبعث على ولادة الحكومة الجديدة بأسرع وقت، على النحو الذي شدد عليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، “لكي لا تبقى الحكومة الحالية تصرّف الأعمال”، مشيرا الى ان الأمور تقتضي تشكيل حكومة تعالج الوضع الاقتصادي وإعمار بيروت وتقوم بالإصلاحات. مصادر مواكبة رأت عبر “الأنباء” أن المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان أن تتشكل حكومة إنقاذ وطني، لافتة في الوقت نفسه الى أن رئيس الجمهورية “يميل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية”، وأنه “لا يمانع ان تكون حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري، لكن هذه الحكومة يبدو انها مرفوضة من قبل الشارع ومن عدة أطراف يزكون الحكومة الحيادية”. المصادر عينها تحدثت عن “سيناريو آخر يقضي بتشكيل حكومة مستقلة برئاسة شخصية كالسفير السابق نواف سلام، الأمر الذي يصطدم برفض فريق 8 أذار لا سيما حزب الله الذي لديه ملاحظات على سلام”. أما السيناريو الثالث، بحسب المصادر، “فحكومة حيادية برئاسة الحريري، لكن بشروط الأخير المتمثلة بأن تضم شخصيات حيادية ومن دون مشاركة جبران باسيل، الأمر الذي سيرفضه فريق العهد”. في هذا السياق، كشفت مصادر عين التينة عبر “الأنباء” ان “زيارة باسيل الأخيرة الى بري كانت لاستمزاج رأي رئيس المجلس بتشكيل الحكومة الجديدة، والحديث تطرق الى امكانية تكليف الحريري وأن باسيل لم يبد معارضة شديدة حيال هذا الطرح، لأن البلاد تمر بأزمة خطيرة، ولا بد من أن يكون على رأس الحكومة شخصية كالحريري للاستفادة من تقديم الدعم الدولي للبنان في هذه الظروف، لكن شكل هذه الحكومة والشخصيات التي قد تتشكل منها لم يُحسم بعد بانتظار بدء الاستشارات وتحديد المواقف” تزامنا، قالت مصادر بيت الوسط عبر “الأنباء” ان “الحريري غير متحمس لترؤس الحكومة في الوقت الحاضر وهو كان قد قطع على نفسه بأنه لن يشكل حكومة في عهد الرئيس عون، لكن الكارثة التي حلّت ببيروت وتحسسا منه بالمسؤولية قد تجعله يتراجع عن هذا الموقف بشرط أن يُمنح صلاحيات استثنائية ويشكّل حكومة حيادية من اختصاصيين ومن أصحاب الكفاءة، وأن تكون بعيدة عن السياسيين، وإلا فليفتشوا عن اسم آخر، وهو على استعداد ليضع كل إمكاناته بتصرفه”. مصادر “تيار المردة” أبلغت “الأنباء” انه من السابق لأوانه الحديث عن الأسماء قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف، وأن المردة “مع عودة الرئيس الحريري الى السراي لأن الوضع في لبنان يتطلب رئيس حكومة يحظى بثقة العالم، وليس رئيس حكومة يستعدي العالم، لأننا اليوم بأمسّ الحاجة لشخص منقذ، ولبنان يعاني من أزمات كثيرة ابرزها الأزمة الاقتصادية والمعيشية بالاضافة الى الكارثة التي حلّت ببيروت”. رئيس جهاز الاعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية” شارل جبور كشف عبر “الأنباء” أن “موضوع تشكيل الحكومة والوضع بشكل عام في البلد سيكون اليوم موضع نقاش وتداول في اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” الذي ينعقد في معراب قبل الظهر”. وقال جبور: “قبل الدخول في كيفية مقاربة مسألة الحكومة لا بد من التطرق الى كل الأمور السياسية برمتها”، مشيراً الى توافق بين “القوات” و”التقدمي” و”المستقبل” على إجراء انتخابات نيابية مبكرة والقيام بالإصلاحات المطلوبة. ولفت جبور إلى أن “أي حكومة ستُشكل قبل تحقيق هذه الانجازات لن يُكتب لها النجاح وسيكون مصيرها التعطيل والفشل، فالقوات تنطلق من نظرة ثابتة تعيد الأمور الى شاطئ الأمان، وطالما هذه الأكثرية ممسكة بمفاصل السلطة عبثا السعي لإصلاحات حقيقية في البلد قبل كف يد هذا الفريق ويستحيل البحث عن أي مخرج اصلاحي وبالتالي مصير أي حكومة هو الفشل”، لافتا الى ان “استقالة حكومة دياب شكلت صفعة قوية لفريق 8 أذار، وقد كلف حكومة دياب وصولا الى الاستقالة، لبنان ملايين الدولارات، لذلك يجب الذهاب الى مسار دستوري وتشكيل حكومة جديدة عليها ان تعيد الثقة بلبنان”. من جهته، عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ لفت في حديث مع “الأنباء” الى أن “تشكيل الحكومة لن يطول”، كاشفا عن “دينامية جديدة واتصالات دولية تضغط باتجاه تشكيل حكومة بأسرع وقت تكون أشبه بحكومة طوارئ تعالج المشاكل القائمة في موضوع الكهرباء او في موضوع الإصلاح أو الاعمار او في الموضوع الاقتصادي والمعيشي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي”. وكشف الصايغ عن اشارات وصلت الى الحريري من شخصيات محلية ودولية تتمنى عليه ترؤس الحكومة “لكن شروطه قد لا تناسب ترؤسه لمثل هكذا حكومة”. وأضاف: “المطلوب حكومة تكون متوافق عليها بالحد الأدنى، وليس بالضرورة ان تتشكل من شخصيات سياسية، وأن تعرف كيف تخاطب المجتمع الدولي الذي وقف معنا وبادر الى مساعدتنا في لحظة المأساة، حكومة قادرة ان تخاطب كل العالم ويكون لديها برنامج واضح تعيد الثقة بلبنان وتقوم بالاصلاحات المطلوبة”.
الأنباء