مفاوضات الترسيم: خلاف حول الوفد وشبعا والاستراتيجية الدفاعية
لن تقتصر مفاوضات ترسيم حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل على الأراضي اللبنانية. فإطار التفاوض سيتوسع بديهياً، ليشمل مزارع شبعا. وهذا مرتبط مباشرة بترسيم الحدود اللبنانية – السورية، وبتحديد وحسم هوية هذه المزارع مع تلال كفرشوبا، وفق القانون الدولي وإجراءات الأمم المتحدة. ثم إن الترسيمين ينطويان على إثارة ملف سلاح حزب الله، الذي يعيد طرح الاستراتيجية الدفاعية طرحاً جدّياً.
حوار 2006 والترسيم الراهن
وكان
الرئيس نبيه بري قد أعلن أن الاتفاق على ترسيم الحدود، وتوقيع لبنان
وإسرائيل على وثائقه، يعقبه إيداع الوثائق التي تثبت الحدود لدى الأمم
المتحدة.
وهذه الفكرة منطلقها مقررات الحوار الوطني الذي عقد في العام
2006. وهي في بندها الأول المتعلق بمزارع شبعا، تنصّ على التالي: “أجمع
المتحاورون على لبنانية المزارع، وأكدوا دعمهم الحكومة في جميع اتصالاتها،
لتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتحديدها وفق الاجراءات المقبولة
والأصول المعتمدة لدى الأمم المتحدة”. واتفاق الإطار الذي أعلنه بري حول
ترسيم الحدود، ينص على الفكرة ذاتها.
ضياع 14 سنة
لذا كان
يمكن للبنان توفير 14 سنة من الوقت الضائع، لو التزم الأفرقاء بمقررات
الحوار الوطني العام 2006. فهي لم تنص فقط على مسألة ترسيم الحدود، أو
“تحديد الحدود” مع سوريا، حسب مصطلح حزب الله في تلك الفترة. بل تنص على
الاستراتيجية الدفاعية، لأن الترسيم والاستراتيجية الدفاعية مرتبطان
ومتداخلان عضوياً.
تنطلق المفاوضات اليوم، من إصرار الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على تخصيص فريق للتفاوض على الترسيم البحري، وفريق آخر للترسيم البري، عندما تصل المفاوضات إلى الحدود البرية لجهة مزارع شبعا المعتبرة سورية دولياً.
لذا، يتوجب على لبنان العمل وفق مقررات الحوار، ووفق اتفاق
الإطار. أي الالتزام بما هو معمول به وفق مقررات الأمم المتحدة، لحسم الجدل
حول المزارع. وبما أن الأمم المتحدة والقانون الدولي، يعتبران مزارع شبعا
سورية وليست لبنانية، يتوجب على لبنان مطالبة النظام السوري بتقديم الوثائق
المطلوبة لتثبيت لبنانية المزارع. وهذا يفتح الباب سريعاً للنقاش القديم
المتجدد في ترسيم الحدود مع سوريا.
الترسيم والسلاح مجدداً
وقد
تنطوي زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على جانب من هذا الموضوع.
فروسيا، قبل أكثر من سنة، كانت قد تقدمت بمبادرة لترسيم الحدود البحرية بين
وسوريا وشمال لبنان، بعدما حصلت موسكو على الاستثمار في خزانات النفط في
طرابلس.
وطرح ترسيم الحدود اللبنانية – السورية، وحسم الجدل حول مزارع شبعا، يلازمهما مباشرة وعملياً طرح مسألة سلاح حزب الله. وذلك تحت شعار انتهاء وظيفة السلاح، بما أن الأراضي قد تحررت، وتم ترسيم الحدود نهائياً.
لذا يكون البند الآخر الذي يطرح على طاولة التفاوض المزمع، هو الاستراتيجية الدفاعية، التي تحدث عنها رئيس الجمهورية ميشال عون أكثر من مرة. وتطالب بها الجهات اللبنانية والجهات الدولية.
وهكذا، لا بد من مراقبة موقف حزب الله ورد فعله حيال هذا
المسائل. وبالطبع لن يكون من السهل تنازله مجاناً عن كل ما راكمه من قوة
طوال أكثر من 20 سنة.
خلاف عون وحزب الله
هذا كله يظل معلقاً في انتظار انطلاق المفاوضات. وتؤكد المعطيات وجود اختلاف بالرأي بين عون وحزب الله حول آلية التفاوض.
وتكشف مصادر متابعة أن الأميركيين طالبوا قبل أيام برفع مستوى تمثيل الحضور اللبناني في المفاوضات. فشددوا على أن يكون وزير الطاقة حاضراً في مفاوضات الترسيم البحري، لأن الملف يتعلق بالنفط والغاز.
ورفض حزب الله قطعاً هذا الطلب. فبحسبه حتى لو كانت المسألة مرتبطة بوزير تقني، فإن مشاركة وزير فيها تعني أن المفاوضات “حكومية”. وفي المقابل يتمسك الحزب بمبدأ الحضور العسكري حصراً، وعدم حضور أي شخص مدني. فيما يصر عون على حضور شخص مدني في المفاوضات.
وقرر عون أن يسمي أعضاء الوفد الذي يضم عسكريين ومدنيين. ومن بينهم العميد بسام ياسين، والعقيد مازن بصبوص المتخصص في مجال البحار، وصاحب دراسات عدة حول الحدود البحرية اللبنانية، والخبير في المفاوضات الحدودية والقانون الدولي. وهذا إضافة إلى نجيب مسيحي، ورئيس هيئة إدارة البترول وسام شباط.
وحسب المعلومات يتمسك عون بأن يكون أحد الحاضرين مقرباً جداً منه، ليطلعه على تفاصيل المفاوضات. ولم يعرف حتى الآن موقف حزب الله من هذا الوفد، وما إذا ما كان سيوافق عليه أم أن سيخضع لتعديلات.
المدن