إيلي سكاف… قصة وفاء وأكثر مع زحلة والبقاع!
كتب نقولا أبو فيصل*
مما لا شك فيه أن هذا الرجل المحبوب كان واحداً من أشهر السياسيين الذين عرفتهم مدينة زحلة في الايام الماضية وأيامنا الحاضرة والايام الآتية ،كما أن الكثيرين من أبناء زحلة والبقاع لا يمكنهم نسيان فضل هذا البيت السياسي المفتوح على مدى ٧٥ عاما ، حتى أنه لتاريخه لم يستطع احد ملء الفراغ الذي تركه في قلوب أهل المدينة والبقاع. ومن المؤكد أننا لم نشهد مراسم دفن شخصية زحلية تشبه ما حصل يوم تشييع جثمان المرحوم ايلي سكاف .
“ايلي بك “كما تعود أهل زحلة مناداته كان له نصيب كبير في إرشاد الأجيال الزحلية الحالية والقادمة إلى الاعتدال والابتعاد عن الطائفية وهذا ما تعلمه من والده المرحوم جوزف سكاف الذي كان بحجم لبنان وليس فقط زحلة .
تميزت شخصية إيلي سكاف بالهدوء وكان بمثابة مرجعية كبيرة لأهل البقاع وعمل بإخلاص لمناصرتهم في الحصول على حقوقهم في الوظيفة العامة، رغم ان ذلك كان من حقهم إنما في دولة مثل لبنان يضيع حقك اذا ما ساندك في الحصول عليه رجل سياسة بحجم هذا الرجل ، كان يحمل على عاتقه آلام جميع العمال والمزارعين والصناعيين وطالبي الوظيفة العامة . إن هذه الشخصية المحببة لدى غالبية أهالي البقاع كانت تعيش الحالة الزحلية والبقاعية ومدى التعطش لأب حنون يرعاهم ويدعم تطلعاتهم وآمالهم كافة، وتسير بهم نحو الطريق الواضح والصحيح .
حقق إيلي سكاف الانتصار والتقدم للمواقف الزحلية والوطنية في لبنان المعاصر، بحيث أثبتت أعماله أن الخدمة العامة عنصر مؤثر وفعال في ثبات المواطنين في مدينتهم ،على عكس السياسيين الذين ادعوا أن الخدمة العامة ليست من صلاحياتهم والبعض منهم لا يعرف زحلة والبقاع الا في التعازي وأيام الانتخابات . كان بيت سكاف في زحلة مفتوحا لكل البقاعيين وكان هذا الرجل بحق زعيم الكاثوليك في زحلة ،حتى أن جميع اللوائح الانتخابية التي يؤمن اعضاؤها الربح عادة كانت تطبخ وتحضر في مطابخ البيت السكافي الانتخابي حيث تدار المعركة الانتخابية وليس خارج المدينة. لقد استطاع ايلي سكاف من خلال وجوده في السلطة من تقديم الخدمة لعدد كبير من الشباب البقاعي عامة والزحلي خاصة، هؤلاء الاشخاص الذين كانوا متروكين لقدرهم، ولا نصرة لهم للحصول على حقهم في ما كان ولا يزال يسمى “دولة لبنانية “.
في الواقع كان مجرد أن يبعث برسالة خطية مع طالب الخدمة لجميع قادة الاجهزة الامنية اللبنانية انذاك او الوزارت او المدراء العامين كافية لمساعدة حاملها ، وقد عجز كثيرون عن معرفة سبب محبة الناس لهذا البيت الذي خسر حقه في الانتخابات الماضية في الاستمرار في تمثيل الزحليين لدى الادارة المركزية اللبنانية الفاشلة ، وعلى أمل حلول عصر جديد من الحكم العادل في لبنان ، ينبغي على الزحليين أن يعيدوا الدراسة بدقة النظر في تنظيم بيتهم الداخلي بعد أن إستحوذت الاحزاب المركزية تمثيل المدينة وقضائها في مجلس النواب .
ايلي سكاف باق في قلوبنا، والجميع لا يزال يحبه ويذكره بكل صدق لأنه كان رجلاً مؤمنا، ومجتهداً وصانعاً للخير خلال حياته القصيرة، رجلا مجاهدا لا مثيل له ،واظب على الخدمة رغم ألمه الذي هزمه وأخذه من بيننا في عز عطائه ، بعد أن ترك إرثا كبيرا سيظل على ألسنة الجميع ممن عرفوه أو عاصروه أو سمعوا عنه . ايلي سكاف لم يكن لزحلة او للكاثوليك حصرا ،بل لجميع اهل البقاع سواء المسيحيين أوالمسلمين الذين كانوا يرون فيه ضمانتهم.
ايلي سكاف كان المثل الأعلى للخدمة والإنسانية للوصول إلى العزة والكرامة والاعتزاز. بالنسبة لأهله في البقاع من الناس الاوفياء والأجيال القادمة.
*رئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينا غران دور الاقتصادية.