آرتساك ضحية السياسة ومصالح الحلفاء
نقولا ابو فيصل*
منذ منتصف ليل الاثنين وانا أتابع بقلق الاتفاق الذي قامت برعايته جمهورية روسيا الاتحادية بين جمهوريتي أرمينيا وأذربيجان. أتابع والإحباط يملؤني، حالي كحال أصدقائي في أرمينيا أو حول العالم، كما ذاك السؤال الذي يؤرّق مئات الالاف ولا من مجيب: إذا كانت النتيجة حتمية بالتخلي عن الولايات السبع من أراضي ارتساك فلماذا كل هذه الحرب؟
لماذا سقط ما يقارب 12000 ضحية من الطرفين في 44 يوما من المعارك الشرسة، وقبلهم 30000 في العام 1990؟
لماذا لم تفرض روسيا الاتحادية هذا الحل سلميا؟ وهي قادرة طبعا، وأؤكد ذلك لمعرفتي بالمنطقة عن كثب.
سمحت لنفسي بالحزن على فقدان آرتساك، وعلى خسارة شباب أرمينيا، لأني ومنذ سبع سنوات أعيش مع الارمن صراع كاراباخ، أفرح للعنفوان الارمني وأحزن لمشاهدتي بلاد مساحتها 12000 كلم مربع يعيش فيها 140.000 مواطن يتوقون الى سلام شبه مستحيل في هذه المنطقة الاستراتيجية من بلاد القوقاز. سبع سنوات وأنا شاهد على إرادة الحياة لدى أصدقائي في ستيباناغرت عاصمة إقليم ناغورنو كاراباخ التي جعلتهم يعملون بلا هوادة على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ويطمحون الى توأمة مدن أرمينية مع أخواتها في دول أخرى، ويسعون الى جذب مستثمرين من الشتات الارمني و/أو من أصل أرمني.
كنت لا أتوقف عن قراءة تاريخ هذا الشعب وتعلقه بأرضه المغتصبة منذ زمن جوزف ستالين الذي رماه في أحضان عرقيات لا تنسجم مع بعضها ثقافيا ودينيا واجتماعيا.
واليوم وبينما يتأوه الشعب الارمني من الكأس المرة التي أجبر على ارتشافها صباح الثلاثاء مع التوقيع على الاتفاق الذي يقضي بالتخلي عن الارض وعلى إنهاء الصراع التاريخي بين البلدين اللدودين، وذلك بعدما خذلت أرمينيا من الحلفاء المفترضين وتركت وحيدة، نتصفح صفحات تاريخ أرمينيا من جديد والدرس الاول فيه أن على الشعب الارمني أن يتعلم أن لا حلفاء بل مصالح دول وأن الغلبة غالبا ما تكون للأقوى وليس لصاحب الحق، اللهم إلا اذا حظي صاحب الحق برؤية تمكنّه من عقد اتفاقات تحدّ من الخسائر في الأرواح والأراضي…من دون أن تغيب عنّا الحقيقة المرّة أن أذربيجان وعدا النفط الذي تمتلكه، بنت اقتصادا قويا ،بينما سلب الكثير من رجال الدولة في أرمينيا قبل الثورة، البلاد وخيراتها لعقود وحلبوا “بقرة” الشتات في جيوبهم، بحيث لم يترك شيء من خير الانتشار للشعب المقيم في البلد الأم الفقير بالمال، لكن الغني بأخلاقه وعلمه وتواضعه.
لقد اختفت آرتساك، ودمرت منازل أهلها وها هم الارمن يهاجرون مرة جديدة داخل الوطن بعد التخلي عنهم، لانهم أصبحوا من جديد مجرد بيادق في لعبة الأمم الكبيرة على حساب الامم المغلوب على أمرها، ليواجهوا من جديد أيضا وأيضا فكرة العودة إلى منازل جديدة وحياة جديدة أو التطهير العرقي، لا قدّر الله!
وداعا Hadrut -Kazakh-Martuni
Agdam-Kelbajar
Lachin-Shushi
*رئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية في لبنان وأرمينيا