تقييمٌ أولي للإقفال وتشديدٌ مطلوب بالإجراءات.. التدقيق الجنائي “الهدف في مكان آخر”
رغم التفاوت في نسبة الإلتزام بالإقفال العام في اليوم الثاني من فترة الأسبوعين، فإن الإقفال كان الخيار الأفضل في ظل التفاقم الكبير للوضع الصحي وانتشار الكورونا، وهذا ما يتطلب مزيداً من التزام المواطنين بالإجراءات وحظر التجول وفق الآلية المقررة ووقف كل المناسبات، بالتوازي مع تشديد الإجراءات الأمنية والتي كانت ظاهرة على نحو لافت في المدن الكبرى، فيما كانت الحركة داخل بعض القرى والبلدات، للأسف، متفلتة في غياب الحواجز والدوريات.
وإذا كان الطقس الماطر بغزارة أمس ألزم من جانبه الناس للبقاء في منازلها، فالسؤال يُطرح عما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد تطبيقاً صارماً لقرار الإقفال، أم أننا سنرى مجدداً تراخياً في التطبيق كما حصل في فترات سابقة.
مصادر أمنية أشارت لـ “الأنباء” إلى أن إجتماعاً تقييمياً سيعقد عصر اليوم في السراي الكبير بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزيري الصحة والداخلية، وأعضاء مجلس الدفاع الأعلى لدراسة كل التقارير المرسلة من القادة الميدانيين المولجين تنفيذ التدابير، وتحديد أماكن الخرق ليصار إلى معالجتها بالطرق المناسبة، كما ستتم دراسة الخطط المعتمدة طيلة أيام الإقفال إنطلاقاً من الثغرات التي ظهرت في اليومين الماضيين. وتوقعت المصادر استمرار التشدد في التدابير وعدم التراخي لأن لا خيار إلّا بالإلتزام بإجراءات الوقاية.
مصادر صحية أوضحت من جهتها أن اجتماعات ستعقد مع نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة لمناقشة مطالب هذه المستشفيات، والاستماع إلى آرائها في موضوع استقبال مرضى كورونا وتخصيص أجنحة خاصة لهم مجهزة بكافة المستلزمات. ولفتت إلى اجتماع آخر سيعقده دياب مع البنك الدولي للبحث في إمكانية الحصول على مساعدات مالية يحتاجها القطاع الصحي، خاصة وأن الحكومة ليست قادرة على دفع المستحقات المطلوبة لهذه المستشفيات في هذه الظروف، لكنها وعدت بالمقابل بتأمين المساعدة لها من الصناديق المانحة.
وأعربت المصادر عن ارتياحها للطريقة التي يتم فيها تنفيذ الإقفال العام هذه المرة، واعتبرت أن نتيجة التجاوب مع هذه التدابير مشجعة، متوقعة انخفاضاً في عدد المصابين أواخر الأسبوع.
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي وصف لـ “الأنباء” التدابير المتخذة بالمقبولة، آملاً أن تستمر الإجراءات طيلة فترة الإقفال. ودعا عراجي مجلس النواب إلى إصدار قانون بمعاقبة المخالفين، أو فرض غرامات من قبل وزارة الداخلية تجبر الناس على التقيد بالتدابير، لأن الخطورة تكمن في الإصابات الخطرة التي تمثل اليوم خمسة بالمئة من عدد المصابين. وشدّد عراجي على أن الوقاية خير من قنطار علاج لأن اللقاح يتطلب وقتاً قد يستغرق ستة أشهر، وحتى ذلك التاريخ علينا الإلتزام بالوقاية، كاشفاً أن “أكثرية المستشفيات الخاصة لم تستجب بعد لقرار استقبال مرضى كورونا لأنها لا تفكّر سوى بجني الأرباح. فالبعض من أصحاب هذه المستشفيات ليس لديه حسّاً وطنياً”.
حكومياً، الأمور لا تزال مجمدة، ولم يطرأ أي تغيير بعد على زيارة الموفد الفرنسي، باتريك دوريل، الذي غادر لبنان من دون إعلان أي إشارة يمكن البناء عليها، ما يعني أن تشكيل الحكومة دخل في نفق طويل.
مصادر متابعة تحدثت عن “خيبة أمل كبيرة” سينقلها دوريل إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، بدون أن تستبعد أن يعقد ماكرون مؤتمراً صحافياً يتناول فيه موضوع تشكيل الحكومة والجهود التي بذلتها فرنسا لمساعدة لبنان. ولفتت المصادر إلى الاجتماع المرتقب بين ماكرون ووزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، الذي يزور فرنسا في طريقه إلى الشرق الأوسط. وأن موضوع لبنان سيكون أحد محاور المحادثات بينهما.
مصادر عين التينة دعت عبر “الأنباء” إلى ضرورة تشكيل الحكومة في وقت قريب جداً، لأن الوضعين المالي والاقتصادي باتا على شفير الانهيار، فضلاً عن جائحة كورونا التي تتطلب المزيد من التضامن الوطني للتصدي لها. وقالت المصادر إنّ البلد ينهار، ولم يعد مسموحاً من دون حكومة حتى يرضى هذا الفريق أو ذاك.
مصادر بيت الوسط أشارت من جهتها إلى أن لا جديد بعد في ملف تشكيل الحكومة، نافيةً علمها بزيارة قريبة للرئيس سعد الحريري إلى قصر بعبدا، وقالت “طالما أن الأمور على حالها فلا داعي للذهاب إلى بعبدا، لأن المعنيين منشغلون برد الاعتبار للنائب جبران باسيل، تاركين البلد معلقاً بين القضاء والقدر، وكأن الرئيس الحريري هو من أوحى بهذه العقوبات”. وسألت المصادر، “كم يلزم للرئيس المكلف من برودة الأعصاب وطول الأناة للتعاطي مع بعض القوى المفترض فيها ان تكون سباقة في انتشال البلد من محنته، فإذا بها تزيده دفعاً للوصول إلى قعر الهاوية”.
من جهة أخرى، وحول الجدل القائم بالنسبة للتدقيق الجنائي، لفت عضو اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبدالله، لـ “الأنباء” إلى أننا “كلقاء وكحزب أكدنا مراراً أننا لسنا ضده، وقلنا منذ البداية أننا مع التحقيق في كل المؤسّسات، والكهرباء، وفي كل مكامن الهدر، لكن المشكلة أن الحكومة لم تلحظ أن هناك قوانين تحتاج إلى تعديلات كقانون السرية المصرفية”، وأضاف عبدالله: “لذلك تحولت المسألة الى نقاش شعبوي، وكأن التحقيق سيكشف العجائب في وقت تبيّن خلال اجتماع لجنة المال والموازنة أن حسابات مصرف لبنان مكشوفة وتخضع لرقابة دولية”.
وسأل عبدالله: “هل هذا الأمر مهم بعد السجال الحاصل بين وزيرة العدل ولجنة المال والموازنة؟”، متحدثاً عن “اتهام واضح وصريح من قبل وزيرة العدل، ماري كلود نجم، للمجلس النيابي”، وأكد أنه “واضح أن الكلام في مكان والهدف في مكان آخر، وقد يكون المقصود حاكم مصرف لبنان، أو النظام المصرفي برمّته. وإذا كان المطلوب هدم كل هذا النظام قبل إيجاد البديل فما الذي يمكننا فعله مع هذه الطبقة؟”
وأشار النائب عبدالله إلى أن، “جدولة الدين تتطلب خطة اقتصادية كبيرة”، مستغرباً “التعاطي مع هذا الملف بهذه الكيدية”. وقال: “نحن بصدد البحث عن أموال لإنقاذ البلد بعدما أصبحنا على قاب قوسين أو أدنى من وقف الدعم، وهذا نقاش سياسي بدأنا به في مجلس النواب، ويجب أن يُستكمل في مجلس النواب”.
الأنباء