الحريري يعد بحكومة قبل الميلاد.. والمعضلة بـ”الداخلية” و”العدل”
أسفرت مبادرة البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، عن تحريك جمود العلاقة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. قبل أيام، تلقى الحريري اتصالاً من دوائر القصر الجمهوري، لتحديد موعد للقاء، حُدّد عصر يوم الثلاثاء. هدف اللقاء هو البحث بمرحلة ما بعد مقترحات البطريرك الماروني، في محاولة لتوفير ظروف ولادة الحكومة. فلا تزال المشكلة الحكومية ذاتها: الحريري يرفض التنازل بمسألة الثلث المعطل، وعن وزارتي الداخلية والعدل معاً. رئيس الجمهورية يصر ويتمسك باعتماد وحدة المعايير، واختيار الوزراء المسيحيين على غرار الثنائي الشيعي.
الداخلية والعدل
ما أسقطه الراعي هو تخطي السجال حول مسألة الثلث المعطل. وهذا يرضي الحريري، فيما أرضى عون بمسألة عدم التفريط بمبدأ الشراكة التي ينص عليها الدستور، والحرص على الواقع المسيحي المقرر في عملية تشكيل الحكومة. وكان هذا نتاج للقاء بين الراعي وباسيل في بكركي. وبحال تم فعلياً تجاوز مسألة الثلث المعطل، تبقى العقدة الحكومية التفصيلية، هي الخلاف على وزارتي الداخلية والعدل معاً. عون يصر على تحصيلهما إلى جانب وزارة الدفاع، وبذلك يكون قد أمسك بالثلاثي الأمني العسكري القضائي، حكومياً. أما الحريري فيرفض التنازل عن وزراتي العدل والداخلية. أبواب التفاوض قد تكون قابلة للنقاش في التنازل عن واحدة من الإثنتين. ووزارة الداخلية ستكون العنوان الأساسي للتجاذب.
هذا الأمر كان مدار البحث بين عون والحريري. استمر اللقاء على مدى ساعة وربع. وهو لقاء طويل، مقارنة باللقاءات التي عقدت سابقاً بين الرئيسين. تم التداول في اللقاء بصيغ متعددة بحثاً عن قواسم مشتركة. واتُفق على أن يعقد لقاء ثان بينهما يوم غد الأربعاء. وقال الحريري: “إن الجو إيجابي، وهناك انفتاح كبير. وقررنا اللقاء غداً مع فخامة الرئيس. وسيكون هناك لقاءات متتابعة، للوصول إلى صيغة وتوافق على تشكيل الحكومة قبل الميلاد”.
رؤساء الحكومة.. وعون
عصر الإثنين، عقد لقاء لرؤساء الحكومة السابقين، للبحث في تطورات عملية تشكيل الحكومة والتنسيق، قبل زيارة الحريري إلى بعبدا. وتشير المعلومات إلى أن الرؤساء التقوا على موقف أساسي، وهو عدم الخروج عن مندرجات مبادرة الحريري، التي تتلاقى مع المبادرة الفرنسية. أي تشكيل حكومة بعيدة عن صورة الحكومات السابقة. وكان تشديد على عدم تقديم أي تنازل ومنح الثلث المعطل، أو عن الوزارات الثلاث معاً، أي العدل والداخلية والدفاع. أكد الحريري خلال هذا الاجتماع، أنه لن يقدم أي تنازل من هذا القبيل. وسيبقى مصرّاً على موقفه.
لا تخفي المصادر أن الجميع مقتنع بأن الظروف غير ناضجة بعد لولادة الحكومة، خصوصاً في ظل تطورات المنطقة. والجميع يفضل انتظار اتضاح صورة الوضع ووجهته. ما يعنيه ذلك، أن لا توقعات بولادة الحكومة قبل مغادرة دونالد ترامب للبيت الأبيض.
على مقلب رئيس الجمهورية، لا يزال على موقفه بأن يكون شريكاً في اختيار الوزراء من كل الطوائف، وأن يعمل على تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيسها المكلف. حتى الآن، الود مفقود بينه وبين الحريري. وهو في الأساس لا يريده. لكن الأخير نجح بفرض نفسه، ولن يتخلى عن ورقة تكليفه.
حزب الله لا يزال على صمته، يراقب، ولا يريد لرئيس الجمهورية أن ينكسر. وأيضاً، لدى الحزب قناعة بضرورة الانتظار لتمرير ما تبقى من ولاية ترامب، وبعدها لكل حادث حديث. وقد يتقدم عندها بمبادرة محددة للتوفيق بين الطرفين، وتشكيل حكومة تلائمه وتوفر له الغطاء. وحسب المعطيات فإن الحزب لا يعول على إحراز تقدم بعد لقاء بعبدا لولادة الحكومة، حتى وإن نجح اللقاء في تبديد بعض العقبات، أو حل بعض النقاط العالقة. لكن لن يُبنى عليها بشكل يؤدي إلى تشكيل حكومة.
المدن