انكشاف “القرض الحسن” والمصارف: رد أميركي يزلزل بقايا لبنان؟
كتب منير الربيع في المدن
تتزاحم الأزمات والاستحقاقات على لبنان: عقوبات جديدة آتية. ضغوط مستمرة. التعطيل والضياع مستمران. والبلد الصغير المرهق يواجه أزمة إقليمية دولية تعصف به.
تنصل وهروبوما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال عن رفضه رفع الدعم، يؤكد أن الجميع يحاول تجنّب الانفجار الذي قد ينجم عنه.
وتأجيل البت في هذه المسألة، يعني مزيداً من الأزمات والانهيار، ومن التحركات والاحتجاجات، على إيقاع سوء الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي. التحركات التي شهدتها اليوم 29 كانون الأول، الجامعة الأميركية، ليست سوى مقدمة لتحركات أخرى.
وهناك جهات تبحث عن فرص للإغلاق الكامل والشامل بحجة جائحة كورونا، لتجنب المزيد من الإجراءات المالية القاسية أو الانهيارات، والهروب من مواجهة الشارع القابل للالتهاب والاشتعال مجدداً.
القرض الحسن وأميركا
أميركياً، تنفتح العيون أكثر فأكثر على واقع المصارف في لبنان. وهذا بعد اختراق جمعية القرض الحسن وارتباطها الوثيق بالمصارف اللبنانية. والجمعية حصلت على علم وخبر من وزارة الداخلية، ولا علاقة لها بالنظام المالي والمصرفي اللبناني.
وهذا سيؤدي حكماً إلى إجراءات أميركية قاسية ضد المصارف، وربما تكون على غرار ما حصل مع البنك اللبناني الكندي وجمال ترست بنك. وحجم اختراق الجمعية وتعاونها مع مصارف لبنانية كبيرة، له حسابات وتبعات كثيرة لدى الأميركيين، وسينتج عنه المزيد من التضييق على المصارف اللبنانية.
وحسب المعلومات، لدى الأميركيين معطيات دقيقة حول كيفية تمكن حزب الله من الالتفاف على العقوبات الأميركية، من خلال ضغوطه على المصرف المركزي والمصارف اللبنانية الأخرى. ويعلم الأميركيون أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ابتكر حلولاً كثيرة تتيح لحزب الله الالتفاف على العقوبات والاستفادة من المصارف.
واختراق القرض الحسن أبرز الدلائل على ذلك. وتشير بعض المعطيات إلى استحالة تجنّب المزيد من التصعيد الأميركي. وهناك تقديرات أخرى تقول إن الإجراءات الأميركية قد تتأجل، لأن إقرارها يؤدي إلى تغيير كبير في لبنان، لم يحن وقته أميركياً بعد.
رهان الراعي الفاتيكاني
لكن المخاطر والإجراءات القاسية تتراكم وسيكون وقعها قاسياً. وهذا ما يدفع البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى رفع صوته والصراخ عالياً أكثر من مرة في عظاته، خوفاً على لبنان الذي أصبح قابلاً للاندثار.
ويبدو أن الراعي في صدد سلسلة من المواقف التصعيدية الجديدة. وحسب المعلومات، هو عاتب على القوى السياسية كلها، وخصوصاً على رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، وبسبب نزاعاتهما التي تحول دون تشكيل حكومة.
ويراهن الراعي على دور فاتيكاني، وعلى العلاقة الفاتيكانية الأميركية المتجددة القوية، للتأثير في الوضع اللبناني، إنطلاقاً من أن بايدن رئيس كاثوليكي. وقد يعطي هذا دفعاً للاهتمام الأميركي الفاتيكاني المشترك بالوضع في لبنان. ولكن هناك خشية كبيرة من أن يسابق الانهيار اللبناني تكوين بايدن فريقه ووضع استراتيجيته وتسلمه الرئاسة، والوصول إلى الاهتمام بالملف اللبناني.
ولا يخفي البطريرك عتبه على رئيس الجمهورية والممارسات التي يفرضها، وقد تؤدي إلى زوال منطق المناصفة ولبنان الكبير، وتقضي على ما تبقى من مميزات العيش المشترك، الذي قد يضربه الذهاب إلى جزر متناقضة.
فالراعي يقرأ في كتاب الرسالة الفاتيكانية التي شددت على مبدأ الحفاظ على العيش المشترك بدلاً من النزعات الفيدرالية وغيرها