الكورونا : الفأس باتت في الرأس !
الدكتور مروان أبو لطيف*
ما يجري في هذه الايام من انتشار لوباء كورونا ينبئ بكارثة ، إذ أن اعداد المصابين سترتفع بشكل تصاعدي كبير ، بحكم طبيعة انتقال الوباء والعدوى (اي ما يسمى في علم الرياضيات بال exponential). هذا واقع الحال وليس توقعات ، وهو ما كان معروفاً منذ البداية .
اليوم استفاقت “الدولة ” و الاجهزة المعنية ، بعد وقوع الفأس في الرأس على مستشفيات ممتلئة ، غرف عناية فائقة مشغولة ولأسابيع (حيث لا يشغر فيها سرير في المدى المنظور إلا في حال الوفاة )، طواقم طبية منهكة، بعضها محجور ، وبعضها مصاب ، لا أدوية ، لا اوكسيجين ولا أجهزة للاوكسيجين . سوق سوداء انى نظرت ، وجشع غير مبرر حيثما طالت يد . بالمقابل يلجأ بعض البنانيين للسفر الى الخارج لأخذ اللقاح ، بينما كان بالامكان الحصول على اللقاحات من عدة مصادر بواسطة القطاع الخاص مع ظبط آليات التلقيح والاسماء والاسعار . وهنا أخشى أن تتفتق عبقرية شركات اللقاحات بعد عن حجج وأعذار غير مسألة قانون الحماية وذلك لتأخير إضافي .التلقيح بدأ منذ اسابيع في معظم بلدان الجوار وبحملات وطنية شاملة ، وعندنا تجد من يروج لعلاجات سخيفة بدائية ، ويحذر من اللقاح دون الاستناد الى اي دليل علمي .
بلد والله عجيب غريب . ولكن لمَ العجب فالفوضى مستشرية فيه حتى نخاع العظم ، وكان ينقصه وباء الكورونا حتى تتكشف كل عوراته المعروفة والمستورة والمخفية .
النظام لا يبنى بين ليلة وضحاها . النظام لا يفرض بعصا سحرية .النظام ثقافة ومراس ونمط عيش في ظل هيبة الدولة ووهرتها ، وبحماية القانون وإعلاء سلطته وخضوع الناس له . النظام تراكم يومي . اما التراكم الذي شهدناه خلال نصف قرن فكان تراكم الفوضى والعبثية والفساد وغياب الكفاءات او تغييبها او تهجيرها او تهميشها ، حيث صارت الادارات والمسؤوليات ميداناً للمحاسيب والازلام ، فانهارت الدولة تدريجياً حتى صارت عجوزاً مشلولاً .
لبنان في خطر ! لكأنه بلد سكانه وجدوا فيه ليتربصوا ببعضهم ، بدل التكافل والتضامن والنخوة المعروفة من زمن الاجداد، والتعاضد عند المصائب، والتكاتف في المحن .
الغابة فلتانة والذئاب تسرح وتمرح !
اللهم لطفك بالناس في هذا البلد المنكوب !
*طبيب وكاتب