أجمل اللوحات! ” مواهب واعدة”
بقلم : اميلي هشام مغامس*
يُطل فصل المطر والخصب بعد طول انتظار؛ ليختم فصول السنة الأربعة، فتحيا الأرض بماء السماء المنهمر بعد أن جفت وتفطّر قلبها من الحر والعطش، وتتهيأ لتكتسي ثوبها الأخضر المطرز بكل ألوان الحياة وأشكالها، إنّه فصل النمو والعطاء، والرحمة والخير، إنّه فصل الدهشة والمغامرة والفرح، فيه ترتوي الأرض بالمطر لتفوح منها رائحة التراب الزكية، وتتغطى الأرض بجزيئات الثلج الناصعة، لينطلق الصغار والكبار للمرح واللعب. في مظاهره تُدهش العقول فلمعان السماء بالبرق تارة وصوت الرعد الذي يرهب الأسماع تارة أخرى، وحركة الغيوم السوداء المثقلة بالمطر، مظاهر تدل على عظمة الخالق، وفي الشتاء تنكسف الشمس مختبئة خلف الغيوم لترسل أشعتها الناعمة على خجل فتحيا بها الأرض، وترسم معالم الحياة في سمائها بألوان لطيفة ليحمل كل لون بشرى الربيع.
بدت السماء ملبدة بالسحب، البرق يخطف الأبصار، تلبدت السماء بالغيوم ونزلت الأمطار كأفواه القرب. لم ينقشع السحاب الأسود ولم تزدد الأمطار إلّا شدّة ولم يزدد الرعد إلّا قعقعة وقصفاً. ألهب البرق واستشرى وأغدقت السماء وجادت وعصفت الريح وثارت وتدفق السيل…
مع بدء هطول الأمطار، ترتسم ملامح الأمل والفرح على وجوه الفلاحين، بعد أن تهيؤوا لاستقبال موسم الخير من خلال بذر حبوبهم، وحراثة أرضهم. يعشق الفلاحون فصل الشتاء وينتظرون قدومه، ويستقبلونه بشوقٍ كبير، ويفرحون بمشاهدة حبات المطر تتساقط على أرضهم، وينتظرون بفارغ الصبر انتهاء أول فرصة لهطول الأمطار، بعد تجهيزهم لدوابهم وسكك الحراثة، وقد أخرجوا البذار من المخازن.
في فصل الشتاء، يصل الزائر الأبيض الى الأرض وهناك من يفرح عند وصوله، وهناك من لا يرحب به. الجبال والمنازل والسهول والأشجار مغطاة بالثلج، لذلك يخرج الناس للتسلية مع الأطفال والبالغين الذين يرتدون القفازات والقبعات والملابس الصوفية حتى لا يشعروا بالبرد أثناء اللعب، وواحدة من أكثرها لحظات جميلة في الثلج هي قذف كرات الثلج والاختباء بسرعة والجري وما إلى ذلك.
وفي الشتاء تجتمع الأسرة حول المدفئة في جو أسري يملؤه الحب والألفة والدفء هروباً من الأمطار والصقيع، ويجلسون إما لمشاهدة التلفاز أو للمسامرة وتناول الأحاديث المختلفة.
يا له من فصلٍ جميل! رسم في عقولنا أجمل اللوحات بقطرات الماء المنزلقة على النوافذ، وألوان قوسه اللطيفة، ليؤذن بالرحيل مبكراً، ويبشر بقدوم فصل التجدد والنشاط، ولكن سنظل في شوقٍ للشتاء بما أودعه في ضلوعنا من حياة، وفي قلوبنا من رحمة، وفي نفوسنا من عطاء، فمن أجل قدومه تصلى الصلوات، وتُدعى الدعوات، لتعم الرحمات والبركات من رب الأرض والسموات.
*تلميذة في الصف الثامن الأساسي، تمتلك موهبة إبداعية واعدة، وقلما فيّاضا بالصور وأسلوبا شيّقا.
اليومية تتمنى لها مستقبلا زاهرا على طريق الكتابة والابداع.