الراعي لن يتراجع عن التدويل..مجابهة بين بكركي وحارة حريك
منير الربيع – المدن
لن تتوقف حركة البطريرك الماروني بشارة الراعي عند حدود تصريحاته ومواقفه عالية السقف: المطالبة بالحياد والتدويل. فالراعي يتحرك عملياً عبر مؤسسات متنوعة لتوسيع دائرة موقفه، وحشد المؤيدين له، سياسياً وشعبياً. وذلك بعدما أصبح التوجه نحو المجتمع الدولي هو الخيار الوحيد الذي يراهن عليه الراعي. وهو توجه حضر بقوة في لقائه بالسفير السعودي وليد البخاري، الذي تشير تحركاته إلى رفض واضح لمسار التطورات السياسية في لبنان: البحث عن تسويات ترقيعية، سواء على خط تشكيل الحكومة، أو على خطّ إعادة إنتاج التسويات القديمة.
حركة الراعي
وهناك تحضير لإطلاق جبهة سياسية في لبنان تتحلّق حول البطريركية المارونية، في موقف يشبه ما جرى بعد بيان المطارنة الموارنة في العام 2000، أو موقف البطريرك صفير في حقبة العام 2005. ويريد البعض إعادة إحياء صورة قرنة شهوان، أو لقاء البريستول. وهذا على الرغم من تغيّر الظروف السياسية، إضافةً إلى أن الجو السياسي لم يعد كما كان سابقاً بالنسبة إلى احزاب وتيارات متعددة.
وهذا الطرح قابل لأن يعيد تعزيز العلاقة بين حزب الله ورئيس الجمهورية وتياره. فالطرفان يعارضان أي تدخل دولي أو تدويل للأزمة. ولكن في حال استمر الراعي على موقفه ولم يتراجع – وهنا تؤكد مصادره أنه لن يتراجع تحت أي نوع من الضغوط – سيكون في مواجهة سياسية مباشرة مع حزب الله. وهذا يحرج التيار العوني أمام بيئته وجمهوره، ويسهم في إضعافه أكثر فأكثر.
مجابهة مباشرة؟
وحزب الله لا يزال يتجنّب الردّ المباشر على بكركي. وحصل تواصل غير مباشر بين الطرفين في الأيام الماضية حول ضرورة التهدئة. لكن حزب الله يفضل الانتظار، علَّ الراعي يعدّل توجهاته. لأن عدم تراجعه يطلق مواجهة شديدة، قد تصل إلى سجال مباشر بين بكركي وحارة حريك.
وهناك مصادر تؤكد أن الراعي يقول في مجالسه، إنه لن يتراجع إطلاقاً، ولا خيار إلا بإنقاذ دولي للبنان، دولة وكياناً ودستوراً. وتنقل المصادر عنه قوله: “نحن نأخذ موقفاً وطنياً وللتاريخ، ولا يظنّن أحد أنه قادر على تخويفنا. ومن ينتقدنا أو يهاجمنا سيجد في النهاية أن ما نطرحه يصبّ في مصلحته الوطنية أيضاً”.
ويرى الراعي أن أسلوب التصرف معه غريب جداً. فهو يعتبر أنه فتح للحوار باباً، فلماذا يُرَدُ بالتهديد بالحرب؟! هذا يدعو إلى الاستغراب والأسف. ولا يخفي الراعي عتبه على رئيس الجمهورية ميشال عون، بل غضبه منه، بعدما لم يعد من احترام للدستور، ولا لبنية الدولة اللبنانية. وبات الرؤساء والقوى السياسية جمبعاً، لا يقيمون وزناً للدستور، بل يعمدون إلى خرقه في كل مناسبة، ويدمرون المؤسسات على مذبح اتفاقاتهم وصراعاتهم السياسية. وهذا لا يمكن السكوت عنه.
نحو الفاتيكان
ويتحدث البطريرك بوضوح حول الجهات التي تتحمل مسؤولية التعطيل والتدمير الممنهج للبلاد. وبما أن الأصوات الداعية إلى الحوار للخروج من الأزمة لم تصل إلى المسامع، فلم يعد من مجال إلا بتوجيه الدعوة إلى تدويل الأزمة. وفي إطاره تُبحث المشاكل العالقة كلها: من الحفاظ على الدستور، إلى مسألة السلاح. وهذا هو السبب الأساسي الذي يدفع حزب الله إلى رفض فكرة التدويل.
ويعلم مؤيدو خيار التدويل أن المجتمع الدولي بأسره غير مهتم بوضع لبنان. فهو بات في آخر سلم الأولويات الدولية. ولكنهم يرون أن حركتهم تفرض أمراً واقعاً سياسياً جديداً، قادراً على إسماع الصوت، واستجلاب الإهتمام. وخصوصاً في حال التوجه نحو أوروبا والولايات المتحدة.
وهذا يُبحث ويُحضر له بالتنسيق مع الفاتيكان، التي تتحضر وفود لبنانية لزيارتها، للضغط على المجتمع الدولي في اتجاه تدويل الأزمة اللبنانية.