مسعى إنقاذ الكيان يصطدم بالتعطيل: رفع العقوبات عن باسيل مقابل الحكومة
إذا كانت الحركة السياسية تتمحور من جهة القوى المُعارضة على اختلافها حول كيفية تسليط الضوء على أهمية توفير الحد الأدنى من أسس بقاء الدولة تحت العناوين التي رفعها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وأسئلته التي تطرح القلق على مصير الكيان اللبناني، وبالتوازي مع الحراك الذي تقوده بكركي باتجاهات مختلفة، فإن الحركة في جهة فريق الحكم تدور حول كيفية تضييع المزيد من الوقت على لبنان واللبنانيين بانتظار وصول الاشارة الفعلية للإفراج عن تشكيل الحكومة المعطّل لغاية في نفس طاولة التفاوض الدولي غير المباشرة.
مصادر مواكبة للمشهد السياسي والمتابعة للمواقف المتنامية بحثاً عن السبل لإنقاذ لبنان، سألت عبر “الأنباء الإلكترونية”: “هل سيستجيب العالم المثقل بهمومه الإقتصادية والصحية لرغبات البطريرك الراعي والداعمين لموقفه؟”، معتبرة أنه “من غير المقبول أن يضع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الحكومة مقابل رفع العقوبات على الأخير، لأن العقوبات أتت بقرار أميركي ولا دخل لأي مسؤول لبناني بها”.
واعتبرت المصادر أن ما كشفه مستشار رئيس الجمهورية بيار رفول من أن “عون وفريقه جزء لا يتجزأ من فريق الممانعة”، انما “يتطابق مع الدوافع التي أدت الى فرض العقوبات”، وتوقعت أن “تساعد المواقف المؤيدة للراعي سياسيا وشعبياً بتسليط الضوء على إعتبار لبنان أولوية في محادثات البابا فرنسيس في اللقاء المرتقب مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ومع ما يعقبه من لقاء آخر بين بايدن والراعي بحسب ما أشارت اليه بعض وسائل الإعلام”.
قانونيا، فإن دعوة الراعي الى مؤتمر دولي، علّق عليها الوزير السابق المحامي رشيد درباس بالقول إن “التدويل يعني أن مجلس الأمن يتخذ قرارا بشأن لبنان، لكن المجلس اليوم لا يستطيع إتخاذ أي قرار بسبب وجود الفيتوات. ثم إن البطريرك الراعي لم يأت على ذكر التدويل من هذا القبيل بتاتا، فهو من موقعه الديني والوطني وبعد فشل الوساطة لتشكيل الحكومة وإقتناعه باستحالة الحل، قرر أن يستنجد بالدول الشقيقة والصديقة. فالتدخل الدولي في لبنان موجود منذ الإستقلال وما قبل”.
وفي حديثه لجريدة الأنباء الالكترونية، سأل درباس: “ماذا يمكن أن نفسر مجيئ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت وإجتماعه بالقيادات السياسية، والبيان الوزاري الذي أعده بنفسه وإتفق على تسميته المبادرة الفرنسية؟ أليس ذلك تدويلا؟ ووجود اليونيفل في الجنوب أليس أيضا تدويلا؟ ومؤتمر الطائف ألم يأتِ بتوافق عربي ودولي، وكذلك مؤتمرات باريس واحد وإثنان وثلاثة، ومؤتمر سيدر، والمؤتمرات التي عقدت مؤخرا لدعم اللبنانيين. ماذا يمكن أن يفسر ذلك سوى إهتمام دولي بلبنان؟”.
ورأى درباس ان “ليس هناك من طريقة لفك هذا الإحتقان سوى بتشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية وهو ما يصر عليه الرئيس المكلف سعد الحريري، لأن ماكرون عندما التقى الأطراف في قصر الصنوبر أبلغهم صراحة “إذا كنتم تريدون مساعدة فرنسا والعالم لإنقاذ بلدكم عليكم أن تنفذوا تلك الشروط التي تختصر بحكومة مهمة من إختصاصيين لا علاقة لهم بالأحزاب السياسية”، لكن عون وباسيل يرفضان ذلك. فإذا كان الفرنسي ماكرون قد سلم الحريري وصفة دواء لشفاء المريض الذي إسمه لبنان، فهل يعقل أن يأتي الحريري بدواء غير مسجل بوصفة الطبيب إكراما لعون ولباسيل؟”.
وفي محاولة لتدارك فشل التفاف النائب جبران باسيل عبر مراسلة الفاتيكان دون علم البطريرك الراعي، زار وفد من التيار الوطني الحر بكركي، وقد أبلغت مصادر تكتل لبنان القوي “الأنباء الإلكترونية” أن الرسالة التي بعث بها باسيل إلى البابا “تهدف الى مساعدة لبنان، وهي لا تختلف عن موقف التكتل المؤيد للبطريرك الراعي ودور بكركي التاريخي في الدفاع عن لبنان”، وحاولت المصادر التأكيد على ما وصفته “حرص رئيس الجمهورية ورئيس التكتل على أفضل العلاقات مع الراعي القائمة على الإحترام المتبادل، وأن تكتل لبنان القوي مع بكركي في السراء والضراء”.
إقتصاديا، ومع الإرتفاع المخيف لسعر صرف الدولار الذي إقترب من العشرة آلاف ليرة، وتبخر الوعود بترشيد الدعم، رأى الخبير الإقتصادي انطوان فرح في حديث مع جريدة “الأنباء الإلكترونية” أننا “نمر بأخطر مرحلة إقتصادية بتاريخ لبنان، والمؤسف أننا ذاهبون الى ما هو أخطر منها. وموضوع الدعم تحول الى عملية تبذير بأموال المودعين من دون أن يستفيد المواطن اللبناني منها بشيء”، معتبرا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب “لا يريد أن يتخذ قرارا بترشيد الدعم لأنه قد يزيد الكلفة على المواطن، ولا يريد أن يتحمل هذه المسؤولية، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه لا يريد إتخاذ هكذا قرار لأنه ليس من صلاحياته أولا، ولخوفه على أموال المودعين ثانيا. وبعد أن أحيل الموضوع الى مجلس النواب رد المجلس الكرة الى ملعب الحكومة، فأصبح الجميع مشاركا بحفلة تبذير أموال المودعين والبلد أمام أفق مسدود”.
ورأى فرح أن “الدولار أصبح من دون سقف وقد يصل نهاية السنة الى 25 الف ليرة”، مؤكدا أن “لا حل الا بخطة إنقاذ وإتفاق مع صندوق النقد الدولي لكن الممر الإلزامي لكل ذلك يتمثل بتشكيل حكومة مستقلة”.
وفي الشأن الصحي، شبه رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي لـ “الأنباء الإلكترونية” ما جرى في مجلس النواب والقصر الجمهوري بالثغرة التي تمت معالجتها، وقال: “لقد كان بالإمكان تمريرها بغير هذه الطريقة”، وسأل: “ماذا يمنع الرؤساء الثلاثة من أن يتوجهوا الى مراكز التلقيح وأخذ اللقاح كما يفعل كل رؤساء العالم؟ لكانوا شجعوا المواطنين على أخذ اللقاح وما كانت لتثار مثل هذه الضجة”.
ولفت عراجي الى أن “الإصابات ما زالت مرتفعة مقابل إنخفاض النسبة الإيجابية الى 17 بالمئة بعد أن كانت 24 بالمئة”، مبديا قلقه من وجود أكثر من 980 مريضا في العناية الفائقة وبعضهم بحالة الخطر، فالوضع ليس مريحا من الناحية الطبية حيث لا زلنا في عين العاصفة.
الأنباء