فصلٌ جديد من تعطيل المؤسسات: لبنان بلا مجلس قضاء!
كتب كبريال مراد في موقع mtv:
وكأن مكتب رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود آخر مكاتب العدلية. فموقعه الجغرافي في الطابق الرابع من مبنى قصر العدل في بيروت يجعله يعاين “روما من فوق”، بعد عبور قاعة “الخطى الضائعة” وما تشهده من يوميات الباحثين عن العدالة، واستخدام المصعد الضيق في زاوية المحاكم، والمرور بالمكاتب التي لم ترتد ثوب التجديد منذ مدة.
هي صورة عن دولة مترهّلة على وقع التسييس والتطييف والمحسوبيات والتعطيل.
في هذا المكتب الذي يبدو كبقعة ضوء بعد النفق، تكتسب الزيارة أهمية على وقع الملفات الكثيرة، مع بقاء الملف الحكومي بوضعية الـ “ON HOLD”، واستمرار الهروب من استحقاق رفع الدعم، وفق منطق ارجاء الانفجار، بدل معالجة ظروفه. لكن ملفاً دسماً يوضع على الطاولة الى جانب استحقاقات شهر ايار، وهو انتهاء ولاية 5 من اعضاء مجلس القضاء الأعلى في الثامن والعشرين من أيار وهم القضاة سهير الحركة، هيلانة اسكندر، روكس رزق، ماهر شعيتو واليان صابر.
في ظروف طبيعية، لا حاجة للقلق. ولكن في الوضعية الراهنة للدولة، تحوّل كل استحقاق الى “شغلة بال”، على وقع التسييس والتطييف وتسجيل النقاط. كل ذلك يقود الى الخشية من دخول مجلس القضاء الأعلى نادي المؤسسات المعطّلة في البلاد.
“المجلس سيقوم بما هو مطلوب منه” يقول القاضي عبود، مشيراً إلى خريطة طريق أساسها التقيّد بالقانون وبعمل المؤسسات، آملاً تعاوناً بنّاءً وإيجابياً من قبل وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم.
التشكيلات معطّلة اذاً، ما يمكن ان ينسحب على مجلس القضاء الأعلى بعد ايام. فالعقدة تكمن في الأعضاء المنتخبين والأعضاء المعينين. هنا، يطرح مجلس القضاء الاعلى فكرة إمكانية انتداب قضاة كرؤساء للغرف الشاغرة لدى محكمة التمييز، وذلك بالتعاون مع وزيرة العدل، بغرض إفساح المجال أمام انتخاب عضوين في مجلس القضاء الأعلى، انطلاقاً من الضرورة وتأمين استمرارية المرفق العام.
فبحسب المادة 2 من قانون القضاء العدلي، يتألّف المجلس من عشرة قضاة ينقسمون بين اعضاء حكميين واعضاء منتخبين واعضاء معينين.
لا مشكلة في الاعضاء الحكميين الذين تستمر ولايتهم طيلة مدة توليهم لمهامهم، وهم الرئيس الاول لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود، النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد.
أما بالنسبة الى الأعضاء المنتخبين، فمن المفترض ان تلتئم الهيئة الناخبة بناء على دعوة الرئيس الاول لمحكمة التمييز وباشرافه خلال الشهر الذي يسبق تاريخ انتهاء ولاية المجلس ويجري التصويت بالاقتراع السري لانتخاب قاضيين من رؤساء الغرف في محكمة التمييز، لمدة ثلاث سنوات من قبل الرئيس الاول لمحكمة التمييز ورؤساء الغرف والمستشارين في محكمة التمييز كافة.
ويعتبر فائزاً المرشحان اللذان ينالان العدد الأكبر من اصوات المقترعين. واذا تساوت الأصوات، يعتبر فائزا الاعلى درجة، واذا تساوت الدرجات، فالأكبر سناً. وينظم الرئيس الاول لمحكمة التمييز محضرا بالنتيجة يبلغه الى وزير العدل.
أما الأعضاء الذين يعينون بمرسوم بناء على اقتراح وزيرة العدل لمدة ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد، فهم قاض من رؤساء الغرف في محكمة التمييز، قاضيان من رؤساء الغرف في محاكم الاستئناف، قاض من رؤساء غرف محاكم الدرجة الاولى، قاض عدلي من بين رؤساء المحاكم او من رؤساء الوحدات في وزارة العدل.
وفي حال شغور مركز اي من الاعضاء المنتخبين او المعينين، يتم اختيار العضو البديل بالطريقة ذاتها للمدة المتبقية من الولاية. وتكون هذه الولاية قابلة للتجديد اذا لم تتجاوز السنة والنصف.
عدم استكمال المسار يعني شلل مجلس القضاء الأعلى وتعطّل اعماله بمختلف متفرعاتها. إنها صورة جديدة عن قطع اوصال الدولة وتفتت معالمها. فتحضّروا اذاً الى مشهدٍ في البلاد من دون مجلسٍ للقضاء الأعلى.