وزير الخارجية يفجّر فضيحة دبلوماسية.. ولبنان قد يُعاقَب خليجياً
شربل وهبة. يكاد الإسم يمرّ مرور الكرام. لا أثر للرجل أو لإرثه إلا في نقطتين أساسيتين. أنه عُيِّن وزيراً للخارجية صبيحة يوم تفجير مرفأ بيروت. هكذا فقط يستذكره الناس. ومأثرته الثانية أنه -سابقاً- عندما كان ديبلوماسياً في وزارة الخارجية، أدمعت عيناه ذات مرّة بسبب وزير الخارجية الأصيل جبران باسيل، عندما طلب منه مغادرة أحد اللقاءات الرسمية.
النجومية والتفاهة
وهب نفسه لحكومة تصريف الأعمال، فكان آخر مسمار يُدق في نعش الهبات التي سعى لبنان ولا يزال للحصول عليها. فاتهم “الدول المحبة للبنان” بأنها أرسلت إليه الدواعش والتنظيمات المتطرفة، وغذتها بأموالها. لم يكن شربل وهبة يهذي، قال ذلك متهماً دول الخليج العربي بذلك. اتهمها بأنها صنعت تنظيم الدولة الإسلامية وأفلتته في سهل نينوى. ربما احتاج الرجل لمثل هذا التصريح في وقت أفول نجمه، فاحتاج للعودة إلى الصورة. وربما عن سوء تقدير، أو عن سوء نية. أو عن خفّة، هي الطريق الوحيد والأسهل للحصول على نيل رعاة سياسيين يستثمرون بمثل هذه الترهات.
إنها الطريق الأقصر التي اختارها شربل وهبة للنجومية. ومن غير المعروف إذا ما كانت الملامة في قصف المواقف تلقى عليه، أم على تعميم نموذج الشعبوية والتفاهة السياسية، الذي يجبر الكثيرين لإطلاق مواقف كيفما كان، لعلهم ينالون مواقع كيفما كان. ليست المشكلة في الموقف الذي أطلقه وزير تصريف الأعمال، بل في خلفياته وتوقيته، ورمزية مطلقه. فلا يمكن لرجل بموقعه أن يطلق المواقف على عماها، أو بالحد الأدنى، كان حرياً به مراجعة سجلات وزارته، أو من عينوه في منصبه، ويسألهم عن مساعيهم لكسب الرضى الخليجي، والسعي إلى تحسين العلاقات مع تلك الدول، أو بالحد الأدنى البحث في تطورات التفاوض الإقليمي، ليعي أن موقفه لن يصرف إلا من حسابه، وسينكره من جيشّوه قبل صياح الديك.
منظومة الحضيض
والمشكلة الأكبر لا تتمثل بوزير خارجية يطلق مثل هذا الموقف، ولا بشخصه أو شخصيته، ولا حتى بتعابير وجهه ولغة جسده لحظة إطلاق هذا الموقف، وهذه المقومات كلها تنمّ عن خفة أو استخفاف. إنما المشكلة الحقيقية تقع على عاتق منظومة تجيد الاستثمار بمثل هؤلاء، سعياً وراء مكاسب آنية، أو دمجاً بين السياسة والأهواء أو القناعات الفئوية. فتدار من قبلهم السياسة والعلاقات السياسية والدولية، بمنطق الحسابات اليومية والانتخابية على قاعدة شدّ العصب. الرجل لا يمثل نفسه أبداً، إنما يمثل تجربة ومنظومة بأكملها تقوم على الشتائم وإختلاق الأكاذيب والعيش في الأوهام، واختراع الكذبة وتعميمها ومن ثم التعاطي معها وكأنها حقيقة أو أمراً واقعاً فتبنى المواقف على أساسه، ولا يكون ذلك غير الإمعان في الحفر نحو الحضيض.
التصريح الذي أطلقه شربل وهبة لم يمرّ مرور الكرام، وجاء في وقت عاصف لبنانياً، ما يستدعي عاصفة لانتقاده، لا تتعلق بموقف دول الخليج، إنما برفض الخفة السياسية وتغيير الحقائق، والنظر بعين واحدة ومحاولة تعميم تلك النظرة على الآخرين. والأخطر، إلزام الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرسمية ومرجعياتها بمثل هذه المواقف الطفولية، التي كانت تستخدم في سياقات سياسية.
عواقب سيئة
أحدث التصريح خضة سياسية وديبلوماسية. أُجريت اتصالات من قبل مسؤولين خليجيين وديبلوماسيين استنكاراً، وسط توقعات بأن هذا الموقف سيؤدي إلى أزمة ديبلوماسية كبرى مع دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية. إذ تكشف المعلومات أن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري أجرى اتصالات مع المعنيين رفضاً للإساءة ولهذه التعمية الممنهجة، والتي تستهدف لبنان واللبنانيين قبل أن تستهدف دول الخليج. الاتصالات ستستمر، وسط بحث خليجي في إمكانية إتخاذ إجراءات عقابية بحق لبنان على خلفية هذا الموقف.
المدن