الثنائي الشيعي يقرر: لا استقالات نيابية.. والحريري لن يعتذر
كل الدروب تقود إلى الانتخابات. من الحركة غير المنتجة لتشكيل الحكومة، وتحولها إلى استثمار في الوقت وتقطيعه بالحد الأدنى من الخسائر، بلا توترات وتشنجات سياسية، قد تنعكس في الشارع، وإلى البحث في الملفات المالية والاقتصادية.
حزب الله وبرّي
آلية التعاطي مع الاستحقاقات الداهمة تشير إلى أن لا حكومة قريبة. ويستمر الرئيس نبيه برّي من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، في تحركهما بين تيار المستقبل والتيار العوني.
وهذا لا يؤدي إلى حلول، بل إلى التهدئة فقط. ويعلم الطرفان أن لا مجال لولادة الحكومة. ويعالجان الملفات على أساس أن كل القوى أصبحت تخضع للحسابات الانتخابية، حتى الشروط المرفوعة حكومياً هدفها شد العصب الانتخابي.
إدارة عونية
ويستمر رئيس الجمهورية ميشال عون بممارسة مهامه تحت عنوان تعزيز الصلاحيات وسد الفراغ الحكومي. وهو ينشط إدارياً عبر التواصل مع الوزراء المعنيين في ملفات متعددة وإعطائهم التوجيهات. وهذا ما حصل في شأن إقرار سلفة مالية لمؤسسة كهرباء لبنان، بعد أن طلب ذلك من وزير المال غازي وزني، لتجنب الدخول في العتمة الشاملة.
وبناء على الكتاب الذي رفعه وزني نزولاً عند طلب رئيس الجمهورية، تمت مطالبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدفع أموال لتمويل هذه السلفة. وهنا ينجح سلامة في تثبيت وجهة نظره، بأنه لم يكن راغباً في صرف الأموال من الاحتياطي الإلزامي، لكن السلطة السياسية طلبت منه ذلك وأجبرته عليه.
بين نارين
ويقع اللبنانيون بين نارين: نار المسّ بما تبقى من أموال، ونار مواجهة العتمة. وعلى هذا الإيقاع تسير آلية التعاطي والتعامل مع مختلف الملفات الأخرى.
وعلى وقع الأزمات اليومية المتلاحقة في المجالات الحياتية والاجتماعية، تستمر القوى السياسية في ضخ أجواء إيجابية عن إحتمال الوصول إلى حلّ حكومي. والهدف هو رمي كرة المسؤولية في ملعب الآخرين، أو اتهام الطرف الخصم بالعرقلة والتعطيل. وبدأ هذا الأسبوع على إيقاع ضخ أجواء تشير إلى أنه الفاصل بين التشكيل وإنهاء المبادرة، وأن حزب لله دخل بقوة على خطّ عملية التشكيل إلى جانب برّي.
تحرير العملة؟
ولكن عملياً لم يتغير جوهر الحركة ولا المبادرة. ما كان يبذل في السابق لا يزال مستمراً. والعقد لا تزال على حالها. وما قد يعزز ضخ الأجواء التفاؤلية هي تحليلات متعددة الاتجاهات، كمثل البناء على جملة تطورات مالية، تبدأ من قصة الـ800 دولار، باعتبارها جدية وتقتطع من الاحتياطي الإلزامي، على قاعدة تخفيضه بقيمة مليار دولار. وهذا إضافة إلى زيادة 300 دولار للأكثر تهميشاً وفقراً. وهناك أيضاً الدعم الذي يقدم للجيش والقوى الأمنية. وكل ذلك مقدمات لرفع الدعم. أي تحرير العملة.
وقد يدفع ذلك إلى تحريك العجلة الحكومية التي يعتبر البعض أن أسباب عدم تشكيلها هو الخوف من مواجهة الاستحقاقات المالية والاقتصادية. ولا توافق مصادر سياسية بارزة على هذا التحليل، وتعتبر أن ما يجري يندرج في خانة الهروب إلى الأمام من المشكلة.
ضمانات
ما ضمنه نبيه برّي وحزب الله حتى الآن، هو عدم اعتذار الحريري الذي سيكون اعتذاره موجهاً ضد رئيس مجلس النواب، وكذلك عدم استقالته من المجلس النيابي للسبب نفسه.
وفي المقابل طوى حزب الله صفحة استقالة نواب التيار العوني من المجلس النيابي أيضاً. وهو طلب ذلك مباشرة من جبران باسيل. وعليه، فالأزمة مستمرة بناء على قواعد اللعبة نفسها، على نحو يضمن فيه الثنائي الشيعي إدارته للعبة، من خلال ضمانة برّي للحريري، أي للسنّة، وضمانة حزب الله للتيار العوني، أي لجانب واسع من المسيحيين.
المدن