بين العيد والذكرى …الإستقلال أكذوبة صدقناها
نقولا أبو فيصل*
بات جليًا أن الشعب اللبناني يبحث اليوم عن ذرّة أمل واحدة في ركام أحلامه ، وعن شرارة فرحٍ في ظُلمة أحزانه ، واذا كان الاستقلال حنين وذكرى فهو أيضا ًمناسبة للترحم وعرفان الجميل لأولئك الذين وهبوا أنفسهم ودمائهم الطاهرة فداءً للوطن ، ولكن للاسف فإنه مع الوقت تحول استقلال لبنان من عيد الى ذكرى بعد ان استغل حكامه الشعب المسكين واستضعفوه ونهبوه وجعلوه يعيش اسوأ ازمة اقتصادية منذ تأسيس الوطن، وخير وصف لما حل بنا هو للرئيس الاميركي السابق روزفلت حين قال ان “الحرّية الفردية الحقيقية لا تتأمّن الا بالحماية الاقتصادية والاستقلالية …”
ويحل علينا الاستقلال هذا العام ونحن كالجثث المتحركة ، في قلوبنا غصة وفي نفوسنا حسرة وفي عقولنا قلق وهواجس ، وبات من المؤكد ان اللبنانيين لن يشعروا بالاستقلال الحقيقي الا يوم وفاة الدولة الطائفية وولادة الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص بعيدا من المحاصصة والهدر والفساد ،أما ما نعيشه اليوم من فقر ويأس وذل فإنه سوف يدفعنا الى الثقة أكثر بالله وعدالته وبالمستقبل المضيء وصولًا الى اعادة قراءة تاريخ لبنان الذي شهد دومًا على قدرة اللبنانيين على تخطي الازمات التي مرت عليهم ولا بد لشمس الحق من أن تشرق من وراء الغيوم ولطائر الفينيق أن ينبعث من رماده وللبنان أن يتحرر من جلاديه.
في عيد الاستقلال.. اللبنانيون يبحثون عن الاستقلال ، ولا استقلال من دون استعادة الدولة لمقوماتها واسترجاع سلطتها الكاملة على أراضيها بدء من ضبط المنافذ البرية والبحرية ودمج الاجهزة الامنية العاملة في هذه المرافق في جهاز واحد لعدم تكرار التضارب في الصلاحيات ، وصولًا الى وحدة المعايير في تعامل الدولة مع جميع ابناء الوطن وجميع المناطق اللبنانية ، فالاستقلال إيمان ونضال ومثابرة واخلاص ، وسوف نسترجعه عيداً وطنياً لا ذكرى ونأمل ان نكون الان في طريق العودة بعد الارتطام الكبير الى لبنان جديد لا استقواء فيه لاحد ولا ظلم لاحد وإن غدا لناظره قريب…
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع رئيس مجموعة غاردينيا غران دور