بين عذابات البشر والانتماء للانسانية ….
نقولا ابو فيصل*
يعيش الطغاة على عذابات البشر، فكل عذابات الناس مصدرها الانسان “والخير في الناس مصنوع إذا جبروا، والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا”، على حد قول جبران خليل جبران في كتاب “المواكب”، ليؤكد على حقيقة مفادها أن الأصل في الإنسان هو الشر، أما الخير فلا يقوم به الإنسان إلا عندما يبتغي من وراء ذلك مصلحة ما ، وعلى الناس إدراك أمرين: الأول ازدواجية البشر المرعبة، والثاني هو إن التخفيف من عذابات البشر هي تجربة رائعة فيما لو سعى القيمون على حالنا لاحقاقها.
يقول نيتشه:”في الحقيقة إن الأمل هو أسوأ الشرور لأنه يُطيل عذابات البشر” ، وفيما نحن لا نعرف كيف يكون الموت ! لكنه في تصورنا هو أسوأ شيءٍ وجودي وأكبر عذابات البشر ولا يوجد سعادة بدون تعاسة ، تخيلوا انه لم يعد هناك تعاسة ابدا؟ ماذا لو انتهت كل عذابات البشر وانتهت كل أشكال المعاناة وحقق البشر كل ما يتمنونه على هذه الارض ، حينها فقط نُعلن انتماءنا للإنسانية .
أما الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو فأنه يتصور في كتابه محادثة بين المسيح والاب الاله وهو يناجيه : “أين أنت ألا ترى وتسمع عذابات البشر الذين خلقتهم ” يجيب الرب “أنا متعب وبحاجة للراحة وعلى البشر مسؤولية حل مشاكلهم ” وقد يتساءل بعض البشر ” أين الله؟ ألا يرى عذابات البشر ” ! وفي الحقيقة لقد ادركوا الأمر خطأ حيث فهموا أن الدنيا هي امتحان لله وعليه أن يظهر قدراته كي يؤمنوا به ! والحقيقة هي العكس تماما ً، حيث ان الدنيا هي امتحان للمؤمنين وعلينا أن نجعلها أفضل وأن نخفف من عذابات الناس فيها ونجعلها أكثر عدلاً .. الرب لم يقل لنا : إن العالم مكان رائع وعادل لكنه منحنا الإمكانات لجعله كذلك وهذا هو امتحاننا.
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع رئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية