النظام السوري “يقتحم” الانتخابات لمحاصرة جنبلاط وإسقاط أبو فاعور
كتبت لوسي برسخيان في المدن
شقت معركة البقاع الغربي الانتخابية منحى تصاعدياً في اليومين الأخيرين، مع تصريح نائب المنطقة الدرزي وائل أبو فاعور، قال فيه: “عادت المخابرات السورية لتتدخل ترهيبًا وافسادًا في الانتخابات النيابية”. واعتبر “معركة دائرة البقاع الغربي سياسية”، محذراً من “مشروع حزب الله والنظام السوري لإعادة المنطقة الى ما قبل انتفاضة الاستقلال سنة 2005″، وقال: “هذا لن نسمح به بإرادة أبناء المنطقة”.
حزب الله والمملوك
وقالت مصادر مقربة من أبو فاعور إن كلامه لم يكن رد فعل على لقاءات الأمين العام لحزب البعث السوري علي حجازي في منطقة البقاع الغربي، وشن فيها “هجمة شرسة” محاطًا بمشايخ و”بقايا حزبه” ووجههم إلى التصويت لطارق الداود، شقيق النائب السابق في حقبة الاحتلال السوري للبنان فيصل الداود، الذي خسر في دورات انتخابية متتالية منذ سنة 2006.
وتفيد معلومات التقدمي الاشتراكي في المنطقة، أن لقاءات حجازي جزء من حراك شارك فيه مسؤولون من حزب الله، الذي اتخذ ونائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية علي مملوك قرارًا بإخضاع المنطقة، والسيطرة على المقعد الدرزي تحديدًا، وتأمين الحواصل التي تزيد مقاعد الممانعة فيها من ثلاثة إلى أربعة.
وأعطيت توجيهات لتجيير أصوات سرايا المقاومة للداود، إضافة إلى قرار القيادة السورية حصار وليد جنبلاط، وضربه في مواقع قوته. وإسقاط أبو فاعور في منطقته، يشكل هجمة سياسية على جنبلاط، بعدما تصدر أبو فاعور لائحة تحالفه مع تيار المستقبل والتيار العوني في الانتخابات الماضية. لكن هذا لا يبدو بالسهولة التي يجري الحديث عنها. فأبو فاعور كان قد تعرض لهجمة مشابهة في سنة 2018، لكن حزبه نجح في تأمين 10776 صوتًا تفضيلياً له، مع حصوله على نحو 300 صوت شيعي، في معركة خُوِّن فيها كل شيعي يقترع لغير لائحة حزب الله.
الاشتراكي يحذر المستقبل
وحسب مصادر، لا يزال التقدمي الاشتراكي يملك حاصلاً انتخابياً يصل إلى 12 ألف صوت. وهو لم يتأثر بدعوات الثورة إلى محاربة الطبقة السياسية “كلها يعني كلها”، إلا بنسبة ضئيلة. ومن غير المتوقع أن تتمكن قوى الممانعة من تأمين نسبة أصوات أربعة حواصل، خصوصًا إذا قرر سنّة المستقبل في البقاع المشاركة في الانتخابات، بتصويت كثيف، لينشغل الثنائي الشيعي بتأمين فوز مرشحه قبلان قبلان، ومنح بعض الأصوات التفضيلية للمرشح الأرثوذكسي إيلي الفرزلي. هذا فيما يجيّر مرشح “الغد الأفضل” إمكاناته لتأمين فوز مرشحه حسن مراد بارتياح. وهذا يتطلب عدم المخاطرة بتجيير أصوات إلى مرشح ثان. فحسن مراد ليس والده، ويواجه صعوبة في محاكاته القاعدة التقليدية في البقاع الغربي.
وعليه، لا تتوقع المصادر أن يحصل طارق الداود على أكثر من ألفي صوت كحد أقصى. وهذا عدد الأصوات التي نالها شقيقه فيصل الدواد في الانتخابات الماضية، رغم الوعود التي تلقاها بتأمين نحو ستة إلى سبعة آلاف صوت تفضيلي لمصلحته. ويمكن أن يرتفع عدد أصوات شقيقه بضعة مئات، إذا نجح النظام السوري في إقناع الناخبين المقيمين في سوريا بالتصويت لمرشحه في أماكن قيدهم بالبقاع الغربي.
أما كلام أبو فاعور فقُرئ كتحذير للحلفاء قبل الخصوم: عدم الوضوح في رؤية بيئة تيار المستقبل وخياراتها في المنطقة. وهي البيئة الأقوى تأثيرا في نتائج الانتخابات، والوحيدة القادرة على ضمان الحواصل الثلاثة للائحة التي تواجه حزب الله وحلفائه في المنطقة. ويبدو أن العقبة الأساسية التي يواجهها الاتفاق مع بيئة المستقبل، هي التحالف العامودي الذي نسجه التقدمي الاشتراكي مع القوات اللبنانية، وانسحابه على دائرة البقاع الغربي وراشيا.
سنّة البقاع إذا انتخبوا
وهناك مخرج يجري البحث فيه، لضمان عدم تضييع الصوت السني الأقوى في المنطقة: امتناع القوات اللبنانية عن تسمية مرشح لها في لائحة تحالفها مع التقدمي الاشتراكي في البقاع الغربي، لتكون مشاركتها بدعم المرشح الماروني ومنحه أصواتها التفضيلية. وأي مرشح ماروني يسمى لا بد أن يتبنى “العناوين السياسية المشتركة بين الفريقين”. وبهذا يؤمن سنّة البقاع الدعم التام لنائب تيار المستقبل محمد القرعاوي، الذي بات تحالفه شبه محسوم مع التقدمي الاشتراكي لتشكيل لائحة في المنطقة، بعدما قرر خوض المعركة الانتخابية خلافًا لتوجيهات سعد الحريري. والبقاع الغربي يضم مقعدين سنيين، لكن المقعد الثاني على اللائحة لم تحسم تسميته حتى الآن.
إلا أن هذه “الفتاوى” تنتظر القرار النهائي لتيار المستقبل، إذا ما قرر السماع لقاعدته الرافضة مقاطعة الانتخابات وتسليم القرار في البقاعين الأوسط والغربي وبعلبك لقوى الممانعة.
كيمياء أهالي المنطقة
وتشدد مصادر أبو فاعور على “أن معركتنا ليست على الحاصل، لأننا نضمنه فعليًا، إنما هناك معادلة وطنية بالبقاع الغربي تقول: ممنوع العودة إلى حضن الوصاية. ومهما كانت الخلافات مع القوات اللبنانية، فإن هناك كيمياء بين مكونات الجمهور تسمح بتحالف طبيعي في النهاية”. والتواصل قائم مع الرئيس فؤاد السنيورة عبر شخصيات من كوادر المستقبل. وهناك صدى إيجابي في المنطقة لدعوة السنيورة إلى الاقتراع، إضافة إلى التنسيق مع الجماعة الإسلامية.
وتنفي المصادر أن تكون المعركة مع مجموعات ائتلاف الثورة التي تتجه لتشكيل لائحة في منطقة البقاع الغربي. وتعتبر أن التسرب الذي حصل من التقدمي الاشتراكي إلى صفوف المجموعات الثورية ليس كبيرًا. والاشتراكي “مع الخيار الديمقراطي للثورة، ويتوافق معها في عناوين كثيرة”.
وتؤكد المصادر “أن المعركة إطارها وطني وليس درزيًا. والمطلوب الحفاظ على الحواصل الثلاثة، وزيادة عدد مقاعد السياديين”. وهذا هو عنوان المعركة الأساسي الذي يخوضه أبو فاعور ومن خلفه حزبه، لاستمالة تيار المستقبل ومناصريه مجددًا إلى الانتخابات.