بين العدالة والقانون…أخ يا بلدنا .
نقولا ابو فيصل*
العدالة شيء والقانون شيء أخر فالقانون هو أداة لضبط المجتمعات وإستتباب الأمن داخلها ، أما العدالة فان مفهومها أوسع ولا يمكن أن تتحقق دون الاستعانة بالقانون . وقد حسم افلاطون اي جدل حول هذا الموضوع بقوله “أن قواعد العدل ثابتة ومطلقة وقائمة قبل وجود هذا العالم بمعنى ان قواعد العدل موجودة في عالم اخر يمثل الخير والحق والمثل والاخلاق والقيم، وأن دور العقل السليم هو اكتشاف تلك القواعد “
ولطالما أعتقدت أن العدل والقانون واحد عندما كان ذلك مجال دراستي الجامعية لكنني اكتشفت لاحقاً أن القانون لا ينطبق على العدل ، والعدل لا يطابق القانون الذي بات لا يحقق العدل في لبنان ، فكم من قوانين صاغها الطغاة لزيادة طغيانهم وكم من تشريعات أصدرها الظالمون لزيادة ظلمهم ، مثالًا لو تم القبض على مواطن بتهمة سرقة صغيرة ، ربما فعلها لاطعام عائلته بعد فقدان راتبه قيمته الشرائية ، وهنا هل سيحكم القاضي بالعدل أم بالقانون ؟ في المبدأ إن القاضي مجبر أن يستند لمواد قانون العقوبات اللبناني في عقوبة السرقة وقد يكون رحيمًا فيطبق روح القانون بدلًا من النص لتخفيف العقوبة لكنه لن ينصف المظلوم ولن يحقق العدل ولو أراد فعل ذلك لكان عليه استدعاء كل الذين تسببوا في هدر أموال الناس والاصح اكلها حتى انتفخت بطونهم.
في الاخير أرى أن القانون هو محصلة التوازن بين قوة السلطة ومصلحة الناس في حين أن العدالة هي محصلة الإنصاف التي لا تلقي بالًا للقوة ، وفي الحالة اللبنانية لن يقوم العدل إلا بسقوط السلطة التي تسببت في اكبر جريمة ابتزاز لشعب لبنان بأكمله وصولًا الى تجويعه ، وهنا يقف القانون عاجزاً أمام هذه الجريمة لانه مملوك من هذه السلطة آلتي تعاقب على الجرائم الصغيرة فقط لأن الجرائم الكبيرة هي سلوكها اليومي.
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب “جزء ٣