بين روعة حق أعزل وقساوة ظلم مسلح
نقولا أبو فيصل*
لعل المعادلة السائدة في حياة البشرية والقائلة بحق أعزل وظلم مسلح يتطلب كسرها وقتاً طويلاً لأن ثقافة جديدة تغير سلوك الانسان وتصرفاته ومفاهيمه الحضارية والانسانية ! وفي هذا السياق كتب الاب ميشال حايك في العام 1979 يقول “تطلعوا في الدنيا تجدوها على ما كانت عليه في جمعة الآلام، تأملوا في التاريخ تروا أحداثه كلها في فصول ذياك الأسبوع ، تطلعوا في المشرق وفي لبنان تبصروا وجه المسيح المعذب، وتقرأوا سيرة الموت وعالم الجلجلة والانسان المصلوب والتاريخ جمعة حزينة ، والبشرية في موكب متصل”
وفي الواقع لا يوجد في العالم أي توازن في القوى بين معتدٍ وصاحب حق، بين مسلح وأعزل وبين طرف يطالب بحقوقه واخر يستمتع بظلمه، يروى أنه ذات مرة رفضت السلطات الاميركية اعطاء تأشيرة دخول لأراضيها للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا مركيز حين دَعَتْه إحدىٰ المؤسسات الأدبية لإجراء حوار حول روايته الشهيرة “مئة عام من العزلة” والتي أَهّلَته للفوز بجائزة نوبل للآداب ليقلل من أهمية الامر مجيباً بمقولته الشهيرة “أنهم لا يعرفون بأن تأثير الكاتب ليس بجسده بل بأفكاره، وأفكاري دخلت بلادهم دون تأشيرة دخول”
وما نراه اليوم في واقعنا اللبناني يشهد بأن الباطل مهما أوتي من قوة فانه يبقى ضعيفاً، وأن الحق مهما كان أعزل فهو الأقوى ، وقد يظن البعض أن الباطل قد انتصر حين يرون الحق محاصراً ، مقهوراً ، مغلوباً لمجرد أنه ضعيف لا يملك القوة ولا ما يحميه ، ويرون الباطل منتصراً لما يملكه من سلطة وقضاء فيظهر قويًّا لا يُطاله أحد ، على أن ذلك ليس معناه أن الباطل لا يُغلب وإن الحق متروك ، إنما هي حكمة وتدبير من الله ، فالحق يبقى قوياً مهما كان أعزل مجرداً من كل قوة، وإلا فما سر البطش الشديد الذي يتعرض له أهل الحق على ايدي أهل الباطل والقهر والحبس والمنع … اوليس ذلك خوفاً من الحق الصامد أن ينقلب عليهم ؟ مسألة وقت صدقوني !
*من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤