بين الاهتمام بالنفسوالاهتمام بالاخرين …..راح العمر!
نقولا أبو فيصل*
من المؤكد أن الاهتمام بالنفس ليس أنانية وهذا ما اكده كلام الرب في إنجيل متى (16:26) “لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَن نفسه ” حتى أن القرآن الكريم حث على الاهتمام بالنفس من كل النواحي: (عليكم انفسكم)(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)(ومن تطوع خيراً فهو خير له) . لذا التساؤل لماذا ننشغل بغيرنا وننسى العناية بأنفسنا ؟ من هنا أرى أن تنظيم الوقت والاهتمام بالنفس وتطوير الذات والعناية بالصحة تجلب السعادة لنا بعد أن صرنا نعيش مثل آلة ميكانيكية وظيفتها الاساسية في الحياة محصورة بالعمل والانتاج لتأمين متطلبات الحياة
كما أرى في هذا الزمن الرديء أن الاهتمام بالنفس اولى من الإهتمام بمن لا يستحق ذلك ، حيث أن الاهتمام الزائد بالآخرين يفقدنا كرامتنا ، وأن كثرة التواضع تجلب لنا المذلة ،كما أن الافراط في الاهتمام بالاخرين ينقص من قيمتنا عندهم، لذا يجب التحرر من الاهتمام بالغير على حساب أنفسنا ، وتبعاً لتجاربي في الحياة أرى أن أربعة أمور في عزة النفس يجب علينا عدم التساهل والتفريط بها وهي :اولاً الإفراط في العطاء الذي يعلم الناس استغلالنا ، ثم الإفراط في التسامح الذي يعلم الناس التهاون في حقوقنا ، ثم الإفراط في الطيبة الذي يجعلنا نعتاد على الانكسار ، وأخيرًا الإفراط في الإهتمام بالآخرين الذي يعلمهم الإتكالية .
وسواء وقع الخير في محله او في غير محله، المهم اننا صنعناه ! و الله هو العارف بما فعل عباده ! ويبقى خير الأمور الوسط , وإعطاء كل شيء حجمه الطبيعي واسعاد أنفسنا بأنفسنا، لان لا أحد تعنيه سعادتنا ، لذا يتوجب علينا الاهتمام بأنفسنا أصدقائي والمحافظة على الصحة النفسية والتعبير المتزن عن المشاعر، فالكبت لا يعدصبراً ولا حكمة ، فالاهتمام بالهوايات هو مصدر رائع للسعادة كما أن الاهتمام بالآخرين المحتاجين منهم وحبهم يشعرنا بالوجود وبقيمة ذاتنا وهو من أهم أسباب الاستقرار النفسي ، ورغم أن الاهتمام بالاخرين يسلب طاقتنا وقوة تحملنا التي نحن بحاجتها فان اكبر خطأ نرتكبه بحق ذاتنا هو تأجيل اهتمامنا بأنفسنا وبالتالي فان من مصلحة من حولنا أن نهتم بأنفسنا اولاً وأن لا نهمشها او نلغيها .
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤