بين الشيخة بدوي والمطران الحاج.. هل اهتزّت مصالحة الجبل؟
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
تزامنت قضية المطران موسى الحاج مع بلبلة على أكثر من مستوى، وقد طالت طائفة الموحدين الدروز بعدما أُعلن عن أن أموالاً كانت مرسلة معه الى شيخ العقل سامي أبي المنى، وما تبع ذلك من مواقف صدرت، لا سيما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي غرّد قائلاً: “أي كانت الملابسات وراء توقيف المطران الحاج إلا أنه من المفيد التنبيه بأن المعالجة الهادئة أفضل من هذا الضجيج وان احترام المؤسسات في هذا الظرف الصعب فوق كل اعتبار. ومن ناحية أخرى نرفض الاستغلال الاسرائيلي لمقام رجال الدين في محاولة تهريب الأموال لمآرب سياسية”.
تغريدة جنبلاط هذه أثارت بعض ردود الفعل والهمس، وأحياناً توجيه السهام نحو مصالحة الجبل، بالتزامن مع إعادة التذكير بقضية توقيف الشيخة الدرزية هنية بدوي عند نقطة الناقورة، في آذار الماضي، أثناء عبورها من الأراضي المحتلة الى لبنان بعد وفاة زوجها وقرارها العودة الى بلدتها في لبنان.
فالمواقف التي صدرت اعتبرت بأن دعوة جنبلاط الى التهدئة على اثر توقيف المطران الحاج جاءت مختلفة عن تصرّفه بعد توقيف الشيخة بدوي وما رافقها من تحركات غاضبة آنذاك.
اعتبرت مصادر “الاشتراكي”، عبر موقع mtv، أن أفضل رد على هذه الإيحاءات هي بالتذكير بتغريدة جنبلاط التي نشرها عقب توقيف الشيخة بدوي، والتي جاءت من المنطلق نفسه وبالروحية نفسها التي قارب فيها قضية المطران، وقد جاء فيها آنذاك: “إن استباحة غرفة الطوارئ في المستشفى العسكري من قبل جمهور متحمّس ومتهوّر من فئة من الدروز هو أمر مستنكر ومرفوض. السؤال مَن أدخل هذه الامرأة الى لبنان وهل القصد تصوير الدروز أنهم خارج القانون تحرّكهم الغريزة فقط؟ ومَن هي مواقع التواصل هذه التي لا تميّز بين العدو والوطن بحجة النخوة”.
المصادر عقّبت بالقول: “موقفا جنبلاط السابق والحالي لا ينطلقان من أي خلفية سياسية او طائفية، إنما دائماً من منطلق وطني وحرص على مرجعية الدولة والقانون، وضرورة احترام المؤسسات ودورها”، مضيفة: “لا مساومة لدينا على العداء لاسرائيل ولا يمكن أن نتساهل في هذه القضية”، مشيرة الى ان جنبلاط كان سباقاً في التواصل مع عرب 48 ودروز فلسطين ولكن على قاعدة التأكيد على انتمائهم العربي ودعوته المتكررة لهم لعدم الانخراط في التجنيد الاجباري.
طبعاً يختلف المشهد على الأرض ما بين القضيتين، فتوقيف المطران أثار موجة ردود فعل واستنكار لكنه لم يؤد الى أي تحرّك في الشارع، على خلاف توقيف الشيخة بدوي الذي تبعته تحركات شعبية في أكثر من منطقة والضغط من كل القوى السياسية الدرزية للإفراج عنها.
وربما تجوز المقارنة ما بين الحادثتين من حيث الشكل وظروف التوقيف، إلا ان محاولة تجاوز المقارنة والمواقف الصادرة للتصويب على مصالحة الجبل لا تبدو في مكانها، حتى وإن كان التصويب من بوابة موقف جنبلاط لأغراض سياسية، فهذه المصالحة تحوّلت الى بوصلة أساسية في الحياة السياسية في الجبل ولا يمكن أن تهتز بسهولة بعدما تجذّرت على المستويين السياسي والاجتماعي.
وهنا تؤكد مصادر “الاشتراكي” أيضاً أن “جنبلاط قدّم مصالحة الجبل مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير دائماً في كل المحطات على أي مصلحة خاصة، وهذا ما حصل في كل الاستحقاقات السابقة وصولاً الى الانتخابات النيابية الاخيرة. وكان حريصاً على اللقاء والحوار ليس فقط مع الاحزاب المسيحية المعنية بالمصالحة انما مع كل القوى الاخرى واللقاءات المتكررة مع التيار الوطني الحر شاهدة على ذلك رغم الخصومة في السياسة”، مشددة على عمق العلاقة مع بكركي والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي.