بين ثقافة الاختلاف والاخلاق والمستقبل..
نقولا ابو فيصل*
مما لا نقاش فيه أن ثقافة الاختلاف تعني احترام وجهة نظر الآخرين , والاختلاف في الاراء والأفكار بين الناس هو درجة من درجات التفكر والتدبر ، ويعد ظاهرة صحية شرط ألا يتحول إلى تهميش لآراء الآخرين والتقليل من قيمتها ومصداقيتها، على أن قبول الناس الاختلاف والنقاش المثمر فيما بينهم يغذي العقل وينمي الفكر، وعدم تقبل الاختلاف والجدال ما هو إلا تباعد وتنافر بين وجهات النظر ، ويبدو أن المستقبل لن يفتح ذراعيه الا لأجيال تحترم ثقافة الاختلاف وتعرف قيمة العلم وتقدسه.
وهكذا نرى أنه كلما كانت الاوطان أكثر تطورًا وتقدماً واستقراراً ، كانت امكانية التعايش والتقارب والانسجام بين ابنائها اكثر ،وكم نحن بحاجة ماسة في لبنان إلى قبول ثقافة الإختلاف في الرأي قبل ثقافة الفساد ، وعلينا أن نتعلم كيف نفصل بين رفض الفكرة ورفض صاحبها فالاختلاف ليس كراهية، وثقافة الاختلاف لا تقود للاختلاف اذا اقترنت بالاخلاق ومتى تجردت منها تحولت الى خلاف و عداوة ، وربما أن ما نقوله من كلام خطأ يحتمل الصواب وما يقوله الاخرون من كلام صواب يحتمل الخطأ.
وفي الاخير فقد وجدت أن للإختلاف أنواعاً عديدة ، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة دون إختلاف بينهم ، واستنتاجاً فإنه في الحياة لا يوجد شخص يلائمك تمامًا في أن يكون شريكاً لك في الزواج او العمل او حتى في السكن لكنه يوجد شخص يتنازل من أجلك وتتنازل من أجله، لأنكما ترغبان بالبقاء معًا، ولان الوقت ليس له امان والحياة رحلة قصيرة جداً فانك فجأة تصير ترى الأشياء التي كنت تضحي لأجلها عابرة وتصير تمرّ بجانبها ولا تلتفت اليها !وسوف تكتشف بنفسك ان قلب امك وحده كان الجنة على الارض ، ولا تتفاجأ لسرعة تغير من حولك من البشر بل تفاجأ بسرعة قدرتك على العيش بدونهم وقبول اختلافهم وحتى رحيلهم!
*من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤