نقولا أبو فيصل يكتب “النقد محاولة لإيقاظ ما تبقّى من مبادئ

يخطر ببالي في كل مرة أكتب مقالة نقدية سؤالٌ وهو لماذا أستمر في الكتابة؟ وهل أكتب لأكشف العورات في المجتمع اللبناني ، أم لأعاتب، أم لأُصلح؟ لكن الحقيقة أبسط من كل ذلك: بعد كل مقالة أنشرها تصلني عشرات الرسائل تبحث عن “المقصود” بالنقد، وكأنّ كل قارئ يفتّش عن وجهٍ خلف الجملة وصوتٍ خلف الفكرة. ومع ذلك، لا يكون المقصود غالبًا أحدًا بعينه. المقصود هو الحالة… حالة مجتمع يتخبّط في تناقضاته وقلوب تائهة تبحث عن ضوء، ونفوس تُحبّ الحقيقة لكنها تخاف من مواجهتها. أكتب لأنّ في الكتابة متنفساً، ولأنّ الأسئلة التي تُطرح عليّ هي دليل أن الناس ما زالوا يبحثون عن خلاص من هذه الآفات التي ضربت مجتمعنا.
أنا لا أكتب لأدين شخصًا، ولا لأكشف اسمًا، بل لألتقط ما يهتزّ في روح هذا البلد، ولأقول بصوتٍ واضح: “عسى أن تُلهم كلماتي شيئًا ما فيكم.” فالكلمة ليست سلاحًا للتجريح، بل مرآة نضعها أمام الواقع، علّ أحدًا يجرؤ على النظر. النقد الذي أطرحه ليس فوق الناس ولا ضدّهم؛ هو معهم، من بينهم، ومن أجلهم. قد يقرأ البعض فيه قسوة، لكن القسوة الحقيقية هي الصمت. وطالما ما دمت أرى أن هناك من يتفاعل، من يتساءل، من يستفزّه الكلام ليعيد النظر في ذاته أو محيطه… فذلك وحده يكفيني لأستمر في الكتابة.
أحيانًا أسأل نفسي إن كان ما أقوم به له علاقة بالاسم الذي أحمله. نقولا… اسمٌ يعود إلى أسقف ميرا، “القديس نيقولاوس العجائبي” الرجل الذي لم يخف، ولم يجامل، ولم يصمت حين وقف “لاوس” في مجمع نيقية وأنكر ألوهية المسيح. مدّ يده وصفعه لا ليُهين، بل ليوقظ، ليقول إن الحقيقة لا تُساوَم، وإن الإيمان ليس ورقة تتبدّل بتبدّل الرياح . لستُ أدّعي مقامه، لكن روحه تسكن قلبي وعقلي : تعلمت من قراءتي لكتب السنكسار أن أقول كلمة الحق حين تصبح الحقائق ضبابًا. أن أقف في وجه الخطأ ولو بكلمة، ولو بسطر، ولو بمقالة تُثير ضجيج الأسئلة …وفي الاخير ليسامحني الله ، علماً انني لا أضمر الشر والحقد لاي مخلوق بشري او غيره من المخلوقات .
نقولا أبو فيصل ✍️
www.nicolasaboufayssal.com
اتّحاد الكتّاب اللبنانيّين












