بين الوجع في التخلي والعلاج المكلف ..
كتب نقولا أبو فيصل*
“في التخلي تجل” كما يقولون وكلما تخلينا في الحياة عن أحلام واشخاص ، وعلاقات متعبة كلما تجلت لنا حياة هادئة مُلهمة تناسب وعينا الحالي ، فإذا لم نتخلَ عن عاداتنا الموروثة وبعض التقاليد البالية ، وقررنا بعناد الاستمرار في عيش الروتين القاتل من حياتنا ارضاءً للمجتمع ، فإننا نكون قد حكمنا على روحنا بالفناء لاسعاد الغير وتلبية مئات الدعوات والواجبات الاجتماعية المرهقة التي لا ترحم روادها ، صدقوني تخلصوا من هذه العادات والعلاقات التي تشبه الاشغال الشاقة وتحرروا من الادمان عليها ، على أن رحلة التعافي من التعلق بها قد لا تستغرق الا القليل من الوقت ، وكلما اردت التراجع عن قرارك بالتخلي عنها تذكر حقك في الحياة كما تشاء انت وليس كمًا يشاء الغير ، واشغل وقتك بما ينفعك ،واملأ جدولك بالجديد والمفيد ولا تحزن مهما كانت الخسائر في عُمرك ومهما فاتتك أشياء تحبّها ، ومهما طال انتظار الأماني ، ومهما كانت ظروفك صعبة ، ولا تدع إيمانك بالله يهتزّ لانه وحده الذي يعطيك القوة والرجاء ..
اعجبني قول جميل Needing nothing, attracts everything.لا يحتاج إلى شيء ، يجذب كل شيء”وهذا يعني أنه عندما تأتي من مكان لا تحتاج فيه إلى أي شيء ، ولا تبحث عن شيء خارج نفسك لتكون سعيدًا ، فإنك تفتح مساحة لمزيد من الأشياء المدهشة لدخول حياتك وإذا لم تأت “الأشياء” فلا بأس ، فأنت لست بحاجة إليها ، فالسعادة الحقيقية لا توجد دائماً في المال والممتلكات بل هي موجودة ايضاً في داخلنا وهي حالة عقلية وعلينا التعلم جيداً أن كل ما نحتاجه هو موجود بداخلنا بالفعل وهناك أمثلة لا حصر لها لأشخاص يبدو لنا أنهم يمتلكون كل شيء من الناحية المادية لكنهم فارغون من الداخل والاستغناء عنهم صار عندي فعل امر داخلي صادر عن العقل ويجب الاستمرار به ، فليست الأشياء أبدًا بزيادة الاصدقاء ونقصانها بل بالراحة ولن يكملنا الآخرون أبدًا ، فالسعادة هي أعلى مستويات النجاح!
في الاخير وجدت ان التخلي عن الأشياء المؤلمة هو أمر جيد ولا يجب الرضوخ والاهتمام لرغبة القلب في بقائها ، على أن وضع مسافة آمنة بيني وبين الاخرين هو أمر جيد ايضاً ، وان اكون شديد الحذر في العلاقات القائمة بعدما كنت لا أجيد ذلك وأراه مخالفا لقواعد الاداب في المجتمع , الى ان اتخذت القرار بإفراغ بعض الحمولة الزائدة التي أرهقتني طويلاً ، ومن خلال هذه المقالة أتقدم بالاعتذار من بعض اصدقائي الذين سوف اضطر مرغماً الابتعاد عن الاجواء الرومنسية التي يعيشونها ، وصولاً الى أجواء الصخب اليومية لانه”لا يكلف الله نفساً الا وسعها”
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع