كتب نقولا ابو فيصل “بين الاقتراب والابتعاد.. حاجة وضرورة” !
لا يُمكن للقنافد أن تقترب بعضها من بعض فالأشواك التي تُحيط بها تشكل حصناً منيعاً من أعدائها ومن أبناء جنسها ، فإذا أطلّ الشتاء برياحه وبرده القارس إضطرت القنافذ للإقتراب والإلتصاق ببعضها طلباً للدفء متحملة الأشواك والالم ، وإذا شعرت بالدفء إبتعدت حتى يعاودها الشعور بالبرد فتقترب مرة أخرى ، وهكذا تقضي ليالي الشتاء بين اقتراب وابتعاد ، والاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح ، والابتعاد الدائم قد يُفقدها حياتها .
كذلك هي حالتُنا في علاقتنا مع بعضنا نحن البشر ، فلا تخلو حياة الانسان من أشواك تُحيط به لكنه لن يحصل على الدفء ما لم يحتمل الشوك والألم ، ويعيش عمره بين أشواك تجرح وبُعد يؤلم وفراق لا نقدر عليه ، لذلك اصدقائي من أراد منكم صديقاً بلا عيب عاش وحيداً ، ومن أراد شريكاً بلا نقص عاش عازباً ، ومن أراد قريباً كاملاً عاش بلا أقارب ،فلنتحمل الاختلاف مع الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا.
لذلك إذا أراد الانسان أن يعيش حياته بسعادة فلا يجب أن يفسر كل شيء ، ولا أن يدقق في كل شيء ، ولا أن يحلل كل شيء ، فالذين حللوا الألماس وجدوه فحماً ، كما يجب ان لا نحرص كثيراً على اكتشاف الآخرين والغوص في تفاصيل حياتهم ، وان نكتفي بالخير الذي يظهرونه في العلن وأن نترك الخفايا والنوايا للرب ، وصدق القائل “لو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف”