هل يمهد غياب “السلاح” عن مؤتمر الطائف لمسار جديد؟
كتب منير الربيع في المدن
يمكن لمؤتمر اتفاق الطائف الذي نظمّته السفارة السعودية في بيروت أن يشكل فرصة حوارية جديدة بين اللبنانيين، لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، طالما أن هذا الأمر حصد اجماعاً في مواقف مختلف المتكلمين. لم يشكّل المؤتمر أي استفزاز لأي طرف، بما أن التركيز كان على وقف الإقتتال وحماية المناصفة.
تركزت الكلمات على تطبيق الإصلاحات وما لم يطبّق في الإتفاق، أبرزها إنشاء مجلس الشيوخ، وتطبيق اللامركزية الإدارية، وغيرها من البنود الإصلاحية. غاب أي عنصر من عناصر الإستفزاز لأي جهة، خصوصاً لحزب الله من خلال عدم إثارة مسألة “نزع سلاح الميليشيات”. وبناء عليه يمكن الذهاب الى أبعاد إيجابية للمؤتمر الذي لم يكن هادفاً لعزل أي طرف ولا إستفزازه.
حضور مسيحي لافت للإنتباه
يمكن تسجيل ملاحظة أساسية تتعلق بالحضور، وخصوصاً الحضور المسيحي الواسع الذي ضم مختلف مكونات البيئة المسيحية، من حزبيين ومستقلين، ومحسوبين على اتجاهات متعددة، من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى ممثلين كثر عن التيار الوطني الحرّ. وهذا ما يعتبره السفير السعودي إنجازاً. فحضور ممثلين عن التيار الوطني يعني تمسكاً معلناً باتفاق الطائف، كذلك بالنسبة إلى موقف سليمان فرنجية الذي قال بوضوح إن حلفاءه ليسوا ضد الإتفاق.
غياب الثنائي و…سلاحه
تغيب الرئيس حسين الحسيني، وفيما حضر ممثل عن الرئيس نبيه بري، لكن لم يكن من بين المتكلمين أي شخصية شيعية، وبطبيعة الحال فإن حزب الله لم يتلق أي دعوة، إلا أن ذلك لا يعني محاولة عزل أي مكون. ويبقى الأساس في مضمون الكلمات والمداخلات التي شددت إما على الحوار او على التوافق والبقاء تحت سقف الأخوة وسقف الطائف، بدون إثارة ملف السلاح أو نزعه وبدون أي توصيفات معارضة لحزب الله ومن شأنها أن تستهدفه أو تستنفر العصبيات. وهذه، إذا ما أُخذت مقرونة بحضور الكثير من حلفاء الحزب المسيحيين، فلا بد من التوقف عندها، كما يمكن الإنطلاق منها للذهاب في البحث عن تسوية رئاسية أو تسوية سياسية كان نبيه بري أول من يدعو إليها ويبدو أن نائب رئيس التيار الوطني الحرّ الياس بو صعب يستعد لخوض جولة اتصالات تمهيداً لعقد لقاء تشاوري بدلاً من مؤتمر للحوار.
مسار جديد
توحي هذه المواقف والتحركات بأن الظروف لم تنضج حتى الآن للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.هناك من ينتظر توفر معطيات داخلية، وهناك من يراهن على تطورات خارجية قد تدفع التسوية اللبنانية قدماً، فيما تبقى الرهانات حول مسار موازين القوى الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الداخل. غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن محاولات وضع المؤتمر في خانة الإستفزاز لحزب الله أو تشبيهه بقرنة شهوان جديدة ودعوات متجددة لنزع السلاح أو عزل الحزب، كلها لم تنجح بالإرتكاز إلى مضمون الكلمات، وهذه وحدها كافية في إطلاق مسار جديد وإن بطريقة غير مباشرة للدخول في حوار لبناني لبناني بحثاً عن تسوية تكون مرتكزاتها تحت سقف الطائف الذي كان حزب الله قد أعلن الإلتزام به وعدم السعي لتغييره أو الإطاحة به.
فرنسا والأمم مع الطائف
هنا لا بد من التركيز على نقطتين أساسيتين، النقطة الاولى ما كشفه السفير السعودي عن تأكيدات فرنسية بعدم وجود أي مساعي لتغيير الطائف. والنقطة الثانية ما قالته الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونتيسكا التي أكدت أن الأمم المتحدة تتمسك بالطائف وبالسلم الأهلي. الجانبان الفرنسي والأممي كلاهما يتواصلان مع حزب الله، ويمكن الإرتكاز إلى مضمون مواقفهما أيضاً للبناء عليها للمرحلة المقبلة في صوغ آلية الوصول إلى أي تفاهم داخلي يستعيد معه لبنان بعض التوازن ويستدعي من خلاله إهتماماً دولياً مبنياً على اسس تلك التسوية التي من خلالها يمكن بناء عناصر الثقة والدخول في تهدئة داخلية وإقليمية. كل ذلك يقضي بوجوب انتظار بعض التطورات الخارجية الى أن يحين موعد وصول “كلمة السر”.