بين تعدد الخيارات…وإرهاق العقل البشري!

نقولا ابو فيصل*

في الاوضاع الاقتصادية الصعبة يميل المستهلك عادةً لشراء المنتج الأصغر حجماً والأرخص سعراً لأنه حسب اعتقاده أنه يفي بالغرض خاصة عند تعدد الخيارات ، لذا يقوم التجار في بعض الاحيان بإضافة “خيار غير منطقي” لدفع الناس نحو شراء الخيار الأغلى لأنه سوف يبدو للشاري أنه صفقة ناجحة ، ومن الامثلة قامت شركة بحجز ستاند في احد المعارض ، وقامت بعرض ستة أنواع من العسل وما حدث أن نصف الزوار توقفوا أمام الستاند وسألوا عن الأنواع وقد قام ثلاثة أرباعهم بالشراء.

ثم قامت الشركة بعرض اربعة وعشرين نوعاً من العسل! اي بزيادة الاصناف المعروضة ، وكانت المفاجأة أن نصف الزوار توقفوا وسألوا عن انواع الاصناف واسعارها ، لكن خمسة بالمائة فقط قاموا بالشراء, وهكذا نرى اختلافاً كبيراً بين نسبة الاشخاص الذين اشتروا في كلا الحالتين ، فما الذي حدث؟والجواب هو أن الخيارات قد تعددت حتى وصل الجميع لحالة Over choice وعندها احتار الشاري ، وانتهى به المطاف إلى الإنهاك من التفكير، والغاء الفكرة اساساً ،وهذا ما يحصل غالباً في أمور كثيرة في حياتنا.

ولهذا نرى أن عباقرة هذا الزمن مثل ستيف جوبز ومارك زوكربيرج وغيرهما لا يهتمون بملابسهم ويحاولون الاعتياد على ارتداء ملابس متواضعة متشابهة حتى لا يرهقون عقولهم بالتفكير في الاختيار ، وتوفير الطاقة لاتخاذ قرارات أكثر أهمية في حياتهم وفي مستقبل شركاتهم ، لذا وجب علينا ان نقلل من الخيارات في الأمور غير المهمة وأن نوفر العقل للأمور المهمة ، وأن لا نقع ضحية الخيارات المتعددة .

*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع رئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية