المياه الرئاسية الراكدة تتحرّك.. ومرحلة مالية جديدة على الأبواب
لو لم تستدرك وزارتا الخارجية والمالية قرار الأمم المتحدة حرمان لبنان حقه في التصويت في مؤسساتها، بسبب تخلّفه عن دفع مستحقاته، وتقوم الوزارتان بتنفيذ الإجراءات لاستكمال تحويل الأموال، لكان لبنان منبوذاً وغير قادر على ممارسة أبسط حقوقه، كدولة.
في هذه الأثناء، يبدو أن المياه الرئاسية الراكدة تتحرّك وسط تطورات محلية مستجدة على خط استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يواصل حراكه على أكثر من صعيد داخلي وخارجي، واللقاء الذي جمعه بوفد لحزب الله سيتبعه مشاورات ولقاءات مكثفة مع جميع الفرقاء السياسيين في محاولة لإحداث كوّة في جدار الازمة المستفحلة.
وفي سياق متصل، يواصل عدد من النواب اعتصامهم في مبنى البرلمان مطالبين بجلسات انتخابية مفتوحة، حتى الوصول إلى رئيس جديد للجمهورية، ويناصرهم عدد آخر من النواب في مطلبهم، كان آخرهم نواب القوات بعد الزيارة الليلية الى ساحة النجمة. لكن هذه الخطوة دونها عقبات كثيرة وتبدو أهدافها بعيد المنال، بسبب تشبّث فريق الورقة البيضاء بموقفه، وإصرار أطراف أخرى على عدم المشاركة في دعوات الحوار.
عضو كتلة التغيير، وأحد النواب المعتصمين في مجلس النواب، نجاة عون صليبا، أشارت إلى أن “ثمّة نيّة جدّية للاستمرار في الاعتصام المفتوح في مجلس النواب، وسيعمد النواب الموجودون إلى مداورة المكوث في المجلس، حتى تحقيق الهدف الأساس، وهو جلسة مفتوحة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفتت إلى أن البلاد تعاني من غياب لحكومة أصيلة، وغياب لقدرة مجلس النواب على التشريع، إضافة إلى غياب رئيس للجمهورية، ويترافق كل ذلك مع تردٍ في الأوضاع المعيشية وارتفاع في سعر صرف الدولار، وبالتالي بات إنجاز الاستحقاق ضرورة”.
وتمنّت صليبا أن تحقق حركتهم مبتغاها، دون أن يضطروا للتوجّه نحو تحرّكات تصعيدية أخرى، لكنها في الوقت نفسه، ذكرت أن لا جدول خطط للنواب المعتصمين.
اقتصادياً، بدأت طلائع تعاميم مصرف لبنان بالظهور تمهيداً للمرحلة المالية الجديدة بدءا من الأول من شباط، موعد دخول قرار اعتماد سعر الصرف الجديد على أساس 15000 ليرة حيّز التنفيذ. وفي أولى هذه الاجراءات كنت قرارات تعديل السحوبات بالدولار وسداد القروض لغير المقيمين وكيفية دفع جزء من الودائع بالدولار. ومن المنتظر أن تُستتبع هذه القرارات بتعاميم إضافية في الأيام المقبلة.
ومالياً أيضاً، أثار قرار نقابة أصحاب السوبرماركت عدم قبول البطاقات المصرفية القلق في صفوف المواطنين، الذين كان جزءاً منهم يبتاع حاجاته من خلال الدفع بالبطاقة، خصوصاً وأن نسبة هؤلاء سترتفع في الوقت المقبل، مع بدء توزيع المصارف بطاقات مصرفية لأصحاب الحسابات بالدولار، لصرف ودائعهم والشراء من المحلات التجارية.
قرار النقابة سببه قرار وزير المالية الذي يقضي بدفع نصف الرسوم الجمركية على السلع المستوردة نقداً بالليرة اللبنانية، وبسبب القرار الأخير، طلب الموردون من أصحاب السوبرماركت سداد ثمن المنتجات نقداً، ليتكمن المستوردون من دفع الضريبة الجمركية.
نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد كشف لـ”الأنباء” الالكترونية أن وزير المالية علّق قراره حتى الاجتماع مع المستوردين وأصحاب السوبرماركت، لبلورة الصورة أكثر، والبناء على الشيء مقتضاه.
لكن فهد حذّر من واقع خطير بدأ يطل برأسه، وهو طلب المؤسسات الحكومية تقاضي ضرائبها نقداً وليس من خلال شيكات، بعدما كانت هذه الضرائب تُدفع من خلال تحويلات مصرفية.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان ترفض الشيك وتطالب بالدفع النقدي، وفي حال تم اعتماد هذا النهج من قبل مؤسسات أخرى، كوزارة المالية وتقاضي ضريبة الدخل، او القيمة المضافة، فذلك يعني التوقف تماماً عن قبول البطاقات المصرفية، وحصر الدفع بالنقد فقط.
الهم الاقتصادي سيكبر، وستكون الأيام المقبلة صعبة على اللبنانيين معيشياً ومالياً. في المقابل ورغم رمزية الحركة التي يقوم بها النواب التغييريون ودستوريتها، إلّا أن لا نتائج فعلية مرتقبة، لأن التعطيل سيستمر، واللبنانيون يبحثون اليوم عن “أكل العنب”، لا قتل الناطور، وبالتالي من الأفضل العمل بشكل جدّي للوصول إلى التوافق الذي يُنتج رئيساً للجمهورية، وهو الحل الوحيد.
جريدة الأنباء الإلكترونية