جون ماريوت من بائع عصير الى صاحب سلسلة فنادق الماريوت
كان هذا الشاب يبيع عصير الليمون البارد في الكابيتول هيل بواشنطن دي سي في كل صيف ويراقب باهتمام السواح الذين كانوا يتقاطرون على المعالم السياحية في الحي الشهير يحاول أن يخطف انتباههم بابتسامته وعبارة يرددها عشرات المرات: “عصير طازج سيمنحك طاقة لمتابعة رحلتك” , كان يصطاد بعض الزبائن بابتسامته وينال القليل من نقودهم والكثير من أحاديثهم التي كانت تتركز حول رداءة الغرف في الفنادق المجاورة ، الغرف قذرة، الخدمة تعيسة والطعام بارد ، وظل يستمع إلى هذه الانتقادات ويدخرها في صدره ويجمعها مع النقود التي يجنيها من عصيره الطازج وابتسامته ، وبعد سنوات قليلة افتتح مطعماً صغيراً لتقديم الطعام الساخن بنكهة شهية ، ونجاح مطعمه جعله يفتتح فروعاً اخرى وكان يتقاسم أرباح المطاعم مع العاملين فيها ويؤمن أن سعادة موظفيه سوف تسعد زبائنه وأسلوبه الملهم جعل العمل معه حلماً لكبار الطهاة في واشنطن ونيويورك .
نجاح جون ماريوت في المطاعم دفعه للتخطيط أنه حان الوقت لافتتاح أول فندق باسمه تكون غرفه نظيفة، وخدمته مميزة والطعام ساخن ، وثقته بفريق عمله جعله يقدم على هذا العمل ، لكنه كان قبيل افتتاح الفندق يستحضر في منامه على شكل كوابيس عربته التي كان يجرها وفوقها عصير الليمون الطازج وبمحاذاتها انتقادات الزبائن للنزل المجاورة ، وكان يخشى أن تتوفر عربة لبيع العصائر أمام فندقه الصغير يجتمع حولها الغاضبون من مستوى فندقه لكنه قاوم الكوابيس عبر افتتاح تجريبي لثلاثة أشهر في العام ١٩٣٠ حين دعا إليه أقاربه وأصحابه بمبالغ زهيدة ، ترك في كل غرفة قلماً ودفتراً صغيراً طالباً من رواده تسجيل مستوى الخدمة في فندقه مع الوعد بتلبية طلبات زبائنه في المرة المقبلة. استفاد جون من الاقتراحات وافتتح رسمياً اول فندق لسلسلة ماريون وأصبح اسم عائلته (ماريوت) الذي اختارها اسماً لفنادقه ومنتجعاته واحداً من أشهر العلامات التجارية في العالم.، وظل جون ماريوت يعمل في فنادقه مثل أي موظف ينتقل مع زوجته إلى فروع فنادقه المختلفة بهمة ونشاط كبيرين مرتدياً ملابس موظفي الاستقبال .
في عام 1935 شعر بآلام شديدة وفي التشخيص تأكد إصابته بمرض السرطان ، وتنبأ الأطباء بوفاته بعد اشهر قليلة لكنه عاش 50 عاماً أخرى ، قاوم آلامه بالعمل والسعادة التي كان يراها من خلال توسع اعماله ، وكان يؤمن أن فلسفة النجاح تعتمد على إسعاد من حوله وهم سوف يسعدون أنفسهم ومن حولهم ، ويرى أن هناك الكثير من المشاريع العظيمة التي لم تنفذ بعد، لكنه لا يملك طاقة تجعله يستثمر في مشاريع أكثر ، على ان سماعه لهموم الناس وحرصه على تلبية مطالبهم كانت سر نجاحه .
أما في لبنان، فحبذا لو تواضعنا قليلاً ولو استمع الحكام إلى هموم الناس وانتقاداتهم، لكان بوسعنا أن نحقق أمجاداً ونجاحات غير مسبوقة ، وهناك العديد من المشاريع المربحة مادياً والتي يهاجر اللبناني الى الخارج ويستثمر بها في بيئة حاضنة للاستثمارات ويتخلى عن بلده، حيث قضى اهل السلطة على آمال اللبنانيين في استثمارات جديدة رغم اننا لاحظنا نشوء بعض الاستثمارات الواعدة في لبنان في الآونة الأخيرة، والتي، وإن دلت فهي تعني ان شعب لبنان لن ينتظر طويلاً وانه كسر حاجز الخوف واطلق العنان لطموحه.
بحث نقولا ابو فيصل