كتب نقولا أبو فيصل “بين القوة العسكرية والقوة الاقتصادية للجيوش”
في لبنان تتوفر الاراضي الصالحة للزراعة مع وفرة المياه الجوفية للري ، مما يجعل امكانية الاستفادة منها لانتاج المحاصيل الزراعية المعدة للاستهلاك المحلي والتصنيع الغذائي متاحة بقوة ، وبإمكان الجيش في حال استفادته من هذه الاراضي من تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد وتسجيل قفزة جديدة في مجال التصدير الى الاسواق المجاورة ، وفي الحالة العكسية من ذلك نجد الاملاك العامة مهملة بمعظمها ، وبالتالي تتجه الدولة الى الاستيراد عبر القطاع الخاص لتلبية الحاجة الملحة للشعب من السلع الغذائية الاساسية ، على أن سماح الدولة اللبنانية للقطاع الخاص بالاستيراد العشوائي من الخارج لاستكمال احتياجات الاسواق اللبنانية من المواد الغذائية والمنتجات الزراعية بات امراً مقلقاً لجهة جشع بعض تجار الازمات ، وعدم مراقبة الاسعار رغم أمكانية المؤسسة العسكرية الدخول في مجال الانتاج والاستيراد أقله لحاجاتها ولفتح باب المنافسة في الاسواق وكسر الاحتكار .
وبالتالي فإن تحقيق الأمن الغذائي في لبنان ليس أمراً مستحيلاً، ويمكن للجيش الاستعانة بدراسات موجودة في وزارة الصناعة تتضمن خططاً لمدن صناعية يمكن بناؤها عن طريقة BOT لتنمية الاقتصاد ، وفائدة اخرى يمكن أن يحققها الجيش بدخوله الى سوق العمل أنه يقضي على عمل المصانع غير الشرعية ويحل مكانها في تأمين بعض السلع الاساسية بمواصفات عالية ، وما ادراكم ماذا يأكل المواطن من انتاج هذه المصانع التي لا تعتمد على معايير الجودة اطلاقاً ؟وبالتالي نكرر ما قلناه مراراً أن مراقبة نوعية الغذاء تُخفض فاتورة الاستيراد ولا خوف أن يأخذ الجيش مكان احد في العمل ،حتى في التجربة المصرية التي دخل فيها الجيش المصري سوق العمل فأنه حسب الرئيس السيسي يستحوذ على 2% من السوق المصرية فقط . ورغم أن الجيش عادة يستفيد من إعفاءات ضريبية وجمركية فأنه لم يحل مكان القطاع الخاص في مصر ولم يقلق المستثمرين من دخول الاسواق المصرية .
وتعطى القوة الاقتصادية للجيش ثقلاً سياسياً على المستويين الوطني الإقليمي ، ويؤدى التكامل الاقتصادي مع القطاع الخاص إلى تعِظيم عائدات المؤسسة العسكرية ، كما تمثل القوة الاقتصادية ركيزة مهمة وحيوية للقوة العسكرية لتأمين الاكتفاء الذاتي لابناء هذه المؤسسة من الاحتياجات وخاصة صناعة الغذاء والالبسة والاحذية وغيرها ، وتعود القوتان الاقتصادية والعسكرية بالفائدة على القوة السياسية إيجابياً مع تصاعد قدرة الدولة نتيجة مساندة كل قوة للأخرى والاستفادة من الإمكانات الكبيرة للقوة الاقتصادية والعكس صحيح . ويرتكز عمل الجيش على العناصر الاقتصادية الرئيسية الخمسة وهي، الزراعة، الصناعة التجارة ، السياحة والمؤسسات المصرفية ، ويدل النمو الصناعي والزراعي للدولة على قوة اقتصادها الذى ينعكس على باقى قوى الدولة فتستطيع حماية مصالحها، وتحقق أهدافها القومية وأمنها القومي.
كاتب وباحث ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع
