كتب نقولا أبو فيصل “بين الارمن واليهود ….وتزايد التهديد الوجودي”!
من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد!”
Armenia death and life renewed
هل تعرفون ما يميّز الأرمن عن اليهود؟ للوهلة الأولى تراهم شعبين متشابهين للغاية كلاهما شعب قديم وموهوب ، فيهم الأبطال والخونة ! وكلاهما نجا من الإبادة الجماعية، ولكن كيف تمكن اليهود من بناء دولة قوية؟ وهل ذلك يعود لحسن اختيارهم الحلفاء بشكل صحيح ؟في المقابل فإن الدولة الأرمنية تتقلص مساحة أراضيها مع الزمن ويزداد التهديد الوجودي لها ؟ وفي التاريخ برر زعيم النازية الالمانية أدولف هتلر القتل الجماعي بحق اليهود خلال فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية مستلهماً قراره من الإبادة الجماعية التركية بحق الأرمن في العام 1915 , والتي قتل فيها أكثر من 1.5 مليون انسان ,وكانت نتيجة الهولوكوست بحق اليهود أن قُتل في المحرقة ما يقارب الستة ملايين يهودي وأحدَ عشرَ مليوناً آخرين من الغجر وغيرهم على أيدي النازيين ، وبذلك يكون العدد الإجمالي للقتلى سبعة عشَر مليون انسان .
ومن الدولة العبرية نبدأ حيث يمكنك إدانة الحكومة هناك وانتقاد سياستها التوسعية واغتصابها لاراضي جيرانها كما فعل حاكم باكو مع أرمن ارتساك ، لكن لا يمكنك إنكار شيء واحد ، وهو أن اليهود يدافعون بشراسة عن أنفسهم وعن دولتهم، وأي شخص يرفع يده على الدولة اليهودية ومصالحها يعاقب على الفور وبشدة ، ومهما اختلف اليهود في السياسة ،فإنهم يعتبرون جميعاً أن “بيتهم هو حصنهم” ، وأي شخص يحاول أن يتطاول عليهم أو على ممتلكاتهم يجب أن يحصل على عقاب . وفي الواقع فإن ذلك يعكس بوضوح عقلية الأمة وسياسة الدولة ككل ، في حين ان جميع الأرمن تقريبًا يمتلكهم الشك وعدم اليقين،بل الشفقة على الشعوب المضطهدة لانهم أنفسهم ذاقوا مرارة الاضطهاد ولا يزالون !
ومن خلال معرفتي الطويلة بالارمن اراهم شعباً طيباً ، متسامحاً ، معظم شبابهم لا يهوى المغامرة بسبب ضعف الامكانيات المادية ربما ، كذلك انعدام فرص العمل ! والكلام هو عن شباب أرمينيا اليوم وليس عن شباب الانتشار الارمني في العالم ، وهنا أتحدث عن الاجيال التي عاصرت الاتحاد السوفياتي، والواضح أنّ ارمينيا اعتمدت على روسيا منذ استقلالها في التسعينات وكانت سياستها واضحة وشكلت الحديقة الخلفية لروسيا بعد ان اوكلت لها مهمة الدفاع عنها بموجب اتفاق دفاع مشترك ، واليوم تنتقل ارمينيا الى معسكر اخر على ما يبدو ، وقد يكون هذا التحالف هو خلاص ارمينيا وقد يكون العكس , فأهل ارمينيا ادرى ببلادهم ، لكنني اظن انه حان الوقت لكي يضع الأرمن مصلحة بلادهم فوق كل اعتبار وبناء دولة قوية.
نقولا ابو فيصل