كتب نقولا أبو فيصل “بين الفقراء والأغنياء ورأي علماء الاقتصاد والكنيسة” !
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب”جزء 5
تبدأ الرحلة نحو الحرية المالية بالعمل الجاد والادخار الذي يتبعه الاستثمار ، وإذا كان الملايين من الناس قد بدأوا حياتهم بأجور منخفضة للغاية وقاموا بعدها بتغيير نمط حياتهم نحو الأفضل ، فالمسأله كلها عبارة عن عقلية الشخص وطريقة تفكيره ولا شيء غير ذلك ، لذا دعوني أستعرض لكم رأي بعض علماء الاقتصاد حول الفرق بين الفقراء والاغنياء من وجهة نظرهم طبعاً ، فهم يرون أن الفقراء يهدرون الوقت بمشاهدة التلفزيون والألعاب الرياضة ، فيما الأغنياء يقرأون الكتب ويخططون لاعمالهم، ويحصل الفقراء على المال مقابل ساعات عملهم أما الأغنياء فيحصلون عليه مقابل نتائج اعمالهم ، وفي حين يلقي الفقراء اللوم على الآخرين لسوء حظهم، فإن الأغنياء يتحملون مسؤولية فشلهم .
ويلاحظ علماء الاقتصاد أن الفقراء يركزون دوماً على الادخار، أما الأغنياء فإنهم يركزون على الاستثمار ، وفي حين يعتقد الفقراء أنهم يعرفون كل شيء فإن الأغنياء يستمرون في التعلم باستمرار ، وفيما يرى الفقراء ان المال هو أصل الشر فإن الأغنياء يعتقدون العكس وأن الفقر هو أصل الشر ، ويتهم الأغنياء الفقراء بأنهم يؤمنون باليانصيب للتخلص من فقرهم ، أما هم فأنهم يؤمنون بالعمل ، وشتان بين العمل من اجل المال والعمل لتحقيق الطموح , وفيما يعمد البعض الى إنفاق ما تبقى بعد الادخار ، يعمد البعض الاخر الى الادخار بعد الانفاق ، وهكذا وجد تشيخوف في بعض قصصه التي عبّر فيها عن الإنسان المعذَّب الذي يعاني في هذا العالم من حكم الأقوياء والأغنياء، وسلِّط الضوء على جنة الفقراء داخل أرواحهم ساخرًا من رفاهية الأغنياء وسلطة الأقوياء جاعلًا من المشاعر الإنسانية زادَاً للحياة
وحول رأي الكنيسة بالموضوع تحدث القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا عن الفقر والفقراء قائلاً عن لسان المسيح “لقد بلغكَ عنّي أنني مُتسربل بالنور كالرداء، لكنّك متى كسوتَ عريانًا أَشعر أنا بالدفء وأنّني تستّرتُ، وتعتقد بأنّي جالس عن يمين أبي في السماء ولكنّ متى ذهبت إلى السجن لتفقد السجناء تراني جالساً هناك”. وتحدث عن العطاء ليحُثّ الناس عليه قائلا “لأنّه فقير أَطعِمْه لتكون قد أَطعمتَ المسيح”. وهكذا نجد مساواة كاملة بين الفقير والمسيح. “إن رأيتَ إنسانًا بائساً فاذكُر أنّه، وإن كان الظاهر أنّه ليس هو المسيح، إلا أنه هو الذي يسألك ويأخذ منك في زِيِّ ذاك”. وهكذا صار للفقير مرتبة كبيرة في المسيحية لأنّه هو الواسطة التي يستطيع من خلالها المؤمن أن يدخل في ملكوت السماوات. وصارت الكنيسة تنظر إلى الفقير على أنه صاحب كرامة مثل الغنيّ ، ويرى القديس يوحنا الذهبيّ الفم ” أنه إذا كان يسوع قد سمح للفقراء أن يشتركوا في مائدته (الإفخارستيّا)، فالسؤال كيف يحق للانسان الغني ان يمنع فقيراً من الجلوس الى مائدته؟اشارة الى ان القديس يوحنّا الرحيم عندما كان بطريركاً للاسكندريّة في القرن السابع أُقيمَ له احتفالٌ فقال لهم: ادعُوا إلى الاحتفال “أسيادي الفقراء” لأن هؤلاء مَن يُدخلونني إلى الملكوت .
نقولا ابو فيصل