كتب نقولا أبو فيصل “بين بيروقراطية الدولة اللبنانية والبوتقة السياسية”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب”جزء سادس
تضيع حقوق المواطن الادمي في لبنان بسبب بيروقراطية موظف أو جهة رسمية أو وزارة ، وقد تضيع أيضاً حقوقه بسبب أن مسؤولاً يجاكر مسؤولا وأن وزيراً يجاكر مرؤوسه، نعم في لبنان طاولة التحاصص الطائفي هي مركز الحياة السياسية ، وأرى هذه الدولة المركزية البيروقراطية غير قابلة للحياة والتقدم إلا بتفكيك النظام السياسي وإعادة بنائه على أسس اللامركزية الادارية والمالية الموسعة وقواعد العدالة الاجتماعية والديمقراطية . وبات من المؤكد أن النظام السياسي اللبناني المعمول به حالياً قد شاخ بعد واحد وثمانين عاماً من الاستقلال الذي ساهم في قتل روح الثورة لدى الشعب ، وإن بادر هذا الاخير، قتلته بيروقراطية الدولة القائمة على الكسل والفساد وتشجيع التذمر . وكل هذا ممنهج في أعراف دولة المحاصصة ، وأهلا وسهلا بكم في بلد العجائب وبئس هكذا موازنات غير مدروسة وغير عادلة في ظل قوانين مرعية الاجراء توزع تَرِكَة الدولة بين الاحزاب السياسية .
نعم في لبنان بيروقراطية قاتلة ونظام عفا عليه الزمن ! بيروقراطية المتخلفين، عقلياً حيث يسود الفساد في الادارات الرسمية وتظهر عورات المجتمع ، على أن مقياس قيام الدولة العادلة مرتبط بمدى إقتلاع الدولة العميقة من جذورها والقضاء على بيروقراطية التخلف والإذلال التي تسبب بها الانهيار الأخلاقي والفساد ، والمطلوب هو العمل لإنجاز نظام وقواعد صارمة للغاية ، فلا نجاح في ظل بيروقراطية ادارية وحكم الروتين ،وعلى أهل السلطة أن يتركوا المجال للشباب المبدع بدل تهجيره ، على أن قتل اداة التخلف وديكتاتورية المكاتب يكون بدعم الابداع الذي تعيقه البيروقراطية المزعجة في الدوائر الحكومية التي حيث ما سيطرت زاد التخلف، ورغم محاولات الاصلاح ومحاربة الفساد في بعض الوزارات، إلا أننا لا نزال سجناء التخلف الفكري وبعيدين كل البعد عما يسمى التطور في الادارات العامة ، وليت عدوى نجاح القطاع الخاص في لبنان تنتقل الى القطاع العام وتقضي على المحسوبيات .
في لبنان يُسمي المواطن الامور بمُسميات غريبة عجيبة للهروب من حقيقتها وقبولها ، فيسمي التخلف في إنجاز الإدارات الرسمية لمعاملته بيروقراطية ويُسمي تمثيل الشعب في السلطة ديموقراطية. ورغم ذلك يا ليت العبقري الشيخ موريس الجّميل كان بيننا في هذه الأيام ليرى أن دراساته وأفكاره وكتاباته لم تذهب سدى وسوف تثمر يوماً ، وأن لبنان على باب قوسين من نفض غبار التخلف في الادارات العامة عبر توجه العديد من الوزارت اللبنانية الى اعتماد نظام الحكومة الالكترونية نعم بيروقراطية التخلف على وشك الانهيار ، أنها مسألة وقت ، وبات على الحكومات القادمة التي يرجح لها ان تعمل بعد فك الحصار المالي عن لبنان والمتمثل بحجب الدعم الدولي ، وعلى السلطة الجديدة أن تفهم أننا لم نعد ذاك المجتمع الطيب البسيط الجاهل؟ وبإنتظار الوصول الشعب اللبناني الى ما يتمناه ويستحقه من حياة مريحة ، فلا حياة لمن تنادي في الوقت الحاضر والضرب في الميت حرام ، واذا كان الشعب قد فوض امره الى الله فهو خير المشتكى ومعه نردد حسبّي الله ونعم الوكيل.
نقولا ابو فيصل