كتب نقولا أبو فيصل “بين القصد والنيّةوتمجيد الله وشكره”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
كثيراً ما التقي في الحياة أناسا يذكرونني بعبارة كانت تتردد على مسامعي في مطلع الشباب ومضمونها “إن فلانا قصده شريف، ولكن نيتّه عاطلة ” لذلك قررت التعمق في هذا القول وأخبركم بما توصلت اليه بعد مراجعة تعريف “ابن القيم”للنيّة على أنها القصد بعينه, إلا أن بينهما علاقة عموم وخصوص من زاويتين: ” تكون النيّة أعم من القصد من ناحية أن القصد لا يكون إلا بفعل مقدور يقصده الفاعل ، أما النيّة فينوي الإنسان ما يقدر عليه وما يعجز عنه، بخلاف القصد والإرادة فإنهما لا يتعلقان بما يعجز عن فعله هو او غيره ، وكما أن القصد يكون أعم من النيّة من ناحية تعلقه بفعل الفاعل نفسه وبفعل غيره, فالنيّة لا تتعلق إلا بفعله نفسه, فلا يتصور أن ينوي الرجل فعل غيره, مما يعني أن النيّة هي قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله وهي عزم القلب على عمل فرض أو غيره.
كما أن القصد معلق بفعل الفاعل نفسه وبفعل غيره، فالنية لا تتعلق الا بفعل صاحبها. ويقال في أركان الجريمة القصد المعنوي ولا يقال النيّة ، وهناك من يرى النيّة أعم من القصد، وقد يكون السبب هو ضعف الايمان بالله والتشكيك في عدم تخييبه وخذلانه له ، وقد لا تكون استجابة الله لحصول الشيء المطلوب ضرورية لأن الخيرة قد تكون في عدم حصول المطلوب أحياناً . وقد يكون السبب هو عدم مجيء التوقيت المناسب بعد. فالتوقيت هو لله ولا يشترط حصول الإجابة في وقت معين لأن الله هو الأعلم بالوقت الأنسب للحصول عليها ،وباختصار، فإن النية تعني رغبة عامة أو خطة لإنجاز شيء ما، في حين أن القصد يدل على عزم قوي على إنجازه ، وحتى عند توفر النية في عمل فالمقصود عدم الاعلان عنه ، كما يقول الرب يسوع في الكتاب المقدس “إحذروا من أن تفعلوا الخير لكي يراكم الناس وإلا فليس لكم آجر عند ابيكم فى السماوات “(متى 6)
وحين سألت أحد الاخوة الرهبان الأتقياء عن سبب وقوفه قبل مباشرة كل عمل أجابني : “كما أن الصياد يقف هنيهة ليحكم تصويب سهمه إلى ما يريد اصطياده ، أوجه أنا نيتى الى الله “وعليه فإن النية النقية هى إرادة حقيقية فى طلب رضاه ، لأن”الرب صنع كل شئ لغايته”(سفر الأمثال16 : 4) . فيجب علينا أن نفعل كل شيء لأجل مجده وخدمته. وهنا يتطابق كلام هذا الراهب مع قول القديس باسيليوس “إن غاية حياة المسيحي هي تمجيد الله”ومن غير الممكن العمل بنية غير مستقيمة ، وبعد التفحص في وصية بولس الرسول (اكو10: 31) “فإذا أكلتم أو شربتم، أو عملتم شيئاً ، فاعملوا كل شيء لمجد الله”. وأيضاً: “مهما أخذتم فيه من قول أو فعل فليكن الكل بإسم الرب يسوع المسيح، شاكرين به لله الأب” ( كو3: 17 ). لذلك وبموجب هذه التعاليم علينا أن نعمل من أجل مجد الله العظيم على أن تمتد هذه النية على أعمالنا مجتمعة.
نقولا ابو فيصل