ببصيرة رائية نقولا أبو فيصل يكتب “بين الصدفة وجبر الخواطر وأصدقاء المصلحة”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
في الحياة يأتي الينا أشخاص على هيئة فرح وجبر خاطر ، يضيفون السعادة لايامنا ويجعلوننا نخجل احياناً من مساندتهم اللا محدودة لنا ، هؤلاء يضعهم الله في طريقنا ليجعلنا نتذوق طعم جمال الحياة ! ولكن تبقى هناك أشياء كثيرة تأتي في حياتنا عن طريق الصدف وتبقى ملازمة لنا طوال العمر . وهذه الصدف الجميلة تستمر إذا أحسنا استغلالها وتوّلد صداقة حقيقية لا اراها في قائمة طويلة من الاسماء لأشخاص نلتقي بهم في كل يوم ، بل تبقى محصورة بأصحاب الأرواح الجميلة التي تجعلنا نضحك حتى في أصعب الأوقات ، ويبقى أنه حين يتحدثون عن جمال الصدف فإنني ما نسيت يوماً ولن أنسى طالما عشت صدفاً جمعتني بأشخاص “جبروا خاطري” ! والصداقة وجبر الخواطر لا يحدثان اصوات عند انكسارهما ولكنهما يحدثان الكثير من الالم ، ومع ذلك يظل الحب ينمو في القلوب كلما ازداد العطاء للآخرين ويزيد ولا ينقص ،
وفي الحياة نتأثر بمن حولنا نفسياً واجتماعياً وثقافياً سلباً وإيجاباً ، فالاشخاص الإيجابيون يملؤون حياتنا سعادة، أما السلبيون فأنهم يعكرون صفو أرواحنا، وعلينا أن نكون حذرين في اختيار من نجالس، وينبغي علينا اختيار الأصدقاء جيداً وانتقاؤهم بعناية ، واتِّخاذ الصحبة يكون بعد اشارات من القلب والعقل ، ومن غير الصحيح ما قيل إن: “الطيور على أشكالها تقع” ومن واجبنا أن نختار طيرنا الذي نحلق به. ويبقى أن الصداقة هي على نوعين : صديق يدلنا على الخير ويرشدنا اليه ، وصديق يدلنا على الشر ويوقعنا فيه ، والصديق الصالح هو نعمة عظيمة من نِعم الله علينا ، وقد يكون أفضل من الأخ الحقيقي، يتفقد أحوالنا، ولا يميل إلينا لمنفعة أو مصلحة ويشعرنا بالسرور والأمان.
في لبنان وجدت الصداقات بمعظمها هي صداقات مصلحة ، كما هو حال العديد من دول العالم ، بعد أن كانت في الماضي علاقات مودَّة صادقة ومحبَّة وإخلاص وعطف متبادل بين شخصين أو أكثر، حيث يودُّ كلٌّ منهما الآخر، ويتمنى له الخير، ويبادله الآخر المشاعر نفسها. وتبقى الصداقة هي أجمل احساس لنا في حال كانت صادقة وهي التي من الصعب أن نجدها في أيامنا هذه ،ومفهوم الصداقة يتطور باستمرار، فالصداقة في مرحلة الطفولة تختلف عن الصداقة في مرحلة المراهقة، وكذلك الأمر في مرحلة الشباب، فالمهارات والأفكار وطريقة التفكير تكبر مع الوقت ومعها تختلف النظرة للصديق في كل مرحلة ، فالأصدقاء الحقيقيون هم الذين نثق بهم وهم الذين يعرفون تفاصيل حياتنا ، وهم الذين تشبه افكارهم افكارنا في العديد من الاهتمامات، حتى إنهم يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ، ونتجاوز معهم الوحدة والشعور بالضيق وقت الشّدة في الحياة ، فأين هم هذه الايام في حياتكم وحياتنا ؟
نقولا ابو فيصل