كتب نقولا أبو فيصل “بين غزارة الكتابة والقراءة على عجل”
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
غزارة الكتابة تدلّ على عمق الألم أو أنه فاق كل المفردات التي نحاول وصفه بها وأتمنى أن أكون قد وفقت في الكتابة عن لبنان في ظل تسارع الأحداث الاليمة التي يمر بها هذا الوطن الجريح ، وقد يقرأ المواطن المحايد كتاباتي بشكل مُنصف ، أما المواطن المتحيّز فقد يكون له بعض اللوم على “الحاج” في بعض الأحيان وهذا طبيعي ! واذا كان كل الذين عرفوني هم على علم ودراية بغزارة عواطفي تجاه لبنان والتي بدونها لا أستطيع الكتابة عنه، ولست بحاجة للتعبير عن حبي للكيان اللبناني الذي أعيش فيه والذي أشتم رائحة ترابه عند كل هطول .
ذات يومٍ هربت إلى الكتابةِ ليس بسبب طواعية القلم أو غزارة المعرفة ، بل لأنفث شيئاً من الواقع الاليم خارج جسدي ! نعم أكتب عن هذا الوطن بحلوه ومّره في كل يوم، لكن العديد من ابنائه يقرأون على عجل ! وربما البعض الاخر لا وقت لديه للقراءة. والسؤال هل الكتابة هي مرض لا شفاء منه ؟ في الحقيقة الكتابة تشكل لي هويتي حيث لا يمكنني التوقف عنها ، وفي هذه الحالة أغرق في متعة استمراريتها ، وهذا يعني أن من ينظر بغرابة لغزارة الكتابة ربما هو لم يتوصل اليها ، وربما فَقد المحتوى مما جعله يبحث في فقدان قوة تأثيرها في استنهاض الشعب النائم كما حالنا في لبنان .
والكتابة عن لبنان تحتاج الى نضوج فكري يجعل المرء يفكر مرتين قبل الكتابة كي لا يخسر اصدقائه ، فالكل “يغني على ليلاه” كما أنه لا مكان عندي للانحياز الا للحق ، ولا يمكنني افتعال مشاكل بالكتابة واذكر صديقاً أشعل شوارع لبنان بكلمات.
في الاخير تخلّى عنه أولياء نعمته، وبات يبحث عن قوته اليومي وهو في المقلب الاخر من العمر ! وفي الكتابة علينا أن نفكر جيداً بأن “كلمة تُحنن وكلمة تُجنن” والكتابة سيف ذو حدين وقد يقتل السيف صاحبه ما لم يكن حكيماً خاصة اذا كان متسرعاً ، والنضوج الفكري يجعلنا نبتعد عن الاصطدام في تناقض الافكار .
وفي النهاية أخشى أن أكتب ما يريده الناس فهذا يفقد الكتابة موضوعيتها وحيادها الايجابي .
نقولا ابو فيصل