كتب نقولا أبو فيصل “بين صيغة العيش المشترك والولادة الميتة”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
يبدو أن الكيان اللبناني بحاجة لعملية انعاش تبدأ بقانون انتخابي جديد يتيح للمرأة تمثيلاً عادلاً، ويعطي حق الاقتراع للشباب من عمر 18 سنة وحق الترشح من عمر 25 سنة حتى لا يقود جاهل أصحاب المعرفة والعلم ! على أن يتم اعتماد النسبية على صعيد المحافظات والتزام صيغة العيش المشترك التي للاسف سقطت منذ زمن طويل عندما تحكمت الأحزاب اللبنانية في كل مفاصل البلد مع الالتزام بتطبيق مبدأ “مرقلي تمرقلك” مع التجاهل الكلي لكل الاصوات المعارضة, وحلول شريعة الغاب! والعيش المشترك هو فعل إرادي بين شعوب ارتضَت العيش معاً بحكم واقع جغرافي فعملت على تنظيمه لِما فيه خيرها ، وفي حال استحال هذا التنظيم، فإنه لا خيار سوى بالانفصال كَون الهدف هو الحياة الكريمة.
ويستحضرني كلمة قائد الجيش للعسكرين
حين خاطبهم ذات يوم قائلاً:”إن صيغة العيش المشترك تصونها العقول الواعية والعيون الساهرة، كما أنّ ديمومة الاستقلال تحميها دماء الشهداء والجرحى وإرادتكم الصلبة ، كونوا كما عهدتكم مهما اشتدت الصعاب رجالًا أشداء أوفياء لقسمكم مخلصين لوطنكم”ويزيد القائد في مكان آخر وهو يخاطب العسكر: “الجيش يقف على مسافة واحدة من الجميع وسنواجه أية محاولات للعبث بالاستقرار والسلم الأهلي وأي إخلال بالأمن أو ضرب صيغة العيش المشترك “وفعلاً قال وفعل ونحن نثق بهذا الرجل للنهوض بالبلد من كبوته .
وفي مراجعة لمعظم تصريحات رجال الدين والسياسة يبدو لي أنه لا تزال هناك رغبة صادقة بإنجاح تجربة العيش المشترك في لبنان ،ولا يزال الأمل أكبر من اليأس على الرغم من سقوط العقد التعايشي في العام 1975، وما تلاها من سنوات الحرب الاهلية الدامية ، وعلى رغم أن الخلاف بين اللبنانيين طابعه فكري وأيديولوجي حيال النظرة إلى لبنان الكيان ودوره، وهذا ليس سهلاً أبداً لكنه غير مستحيل ومعالجته اخذت وقتاً طويلاً ولا تزال بدليل عدم القدرة على إخراج البلد من أزمته حتى الآن، وإنتخاب رئيس للبلاد وعودة دورة الحياة السياسية الى طبيعتها ومعها البحث عن حلول لاقتصاد متهالك!
نقولا أبو فيصل