كتب نقولا أبو فيصل “بين رد الاساءة وتجاهلها أعرف قدر نفسك”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
ذات يوم , وفي حديث صباحي مع صديقي المثقف حاول خلاله إطالة الحديث خاصة عند انتقالنا بالنقاش حول الطباع السيئة لدى بعض اللبنانيين بعد الازمة الاخيرة وارتفاع منسوب التوتر لديهم ، ناهيك عن التغيير في المجتمع اللبناني واعتماد البعض الاساءة للاخرين بهدف تحقيق الشهرة وهذا مؤلم حقاً ! حتى فاجأني صديقي بالقول باشمئزاز ” رُبّما كان من الأفضل لو توقّفت البشرية عند عتبة الاعوام 1970 – 1980 حيث كان الكوكب يعج بأناس طيبين، رسائل ورقيّة، أفلام كرتون مميّزة،كُتب ومجلات والكثير من الحُب الصادق”. وقد صدمني كلامه ،ومن يومها صار الصمت عندي هو الرد المبدئي على الاساءات التي أتعرض لها وتجاهلها مع محاولة التماس الاعذار للبعض لان الاوضاع المعيشية صعبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، وشخصياً اذا كانت اخلاقي ترفعني عن رد الاساءة وتجاهلها لان تربية أمي لي ولاخوتي كانت صارمة في موضوع المحافظة على مشاعر الاخرين وعدم التجريح بها مهما حصل بيننا من خلاف !
في الحياة أصبحت أمتنِع عن رد الإساءات وأحاول الرد عليها دائماً بالسكوت وتجاهلها لأنه لديَّ إيمانٌ مطلقٌ أن كُل إساءة تصدُر من أحدٍ يُرافقها شعور بالذنب في قلبه وهذا الشعور بالذنب سوف يثقُل شيئاً فشيئاً في داخِلهُ حتى يشعُرَ أنه يختنق وتضيق أنفاسه مع الوقت ، لذلك أقول إن الإساءة تُعاقِب صاحبها بنفسها مهما ظننتَ أنها لن تفعل ، وعدم المعاملة بالمثل الذي لا جدوى منه ، بل المعاملة بالاصل الطيب حتى ينتهي الشر من عقول بعض البشر ، على أن عدم الانتقام وعدم رد الاساءة بإساءة يقضي على الاحقاد ، وعلينا التعامل مع الناس كما يتعامل الطبيب مع المرضى وقد يكون المرض واحداً ، أما العلاج فأنه مختلف، وهكذا الناس لكل واحد منهم علاجه. فهم بحاجة لمن يكون قريبًا من أرواحهم المتعبة، يُداويها ، يخفف عنها ظلم هذا العالم ويبعث فيها الأمل والنور من وسط الظلام.
وأخيرًا اعرف يا صديقي القارئ أن تقَدّر نفسك قبل أن تغدرك الحياة وانت في سبات عميق ، تذكر دوماً أنك غني في كل ما تملكه من قدرات ، توقف عن هدر وقتك مع الذي لا يستحقك ولا تسلك طريق من لا يشبهك ولا تعيش حياة لا تنتمي اليها ، تعلّم أن تختار نفسك قبل ان تختار أحداً ، تعلم أن تحب نفسك قبل أن يحبك أحد ،اعرف قيمة نفسك جيداً ، اعرف من أنت ، قدّر ذاتك ولا تنتظر التقدير من الآخرين ، لا تقلل من شأنك ، ولا تشكك في قُدراتك وتعلم أن تضع نفسك دائماً في المكان الذي تستحقه…
نقولا ابو فيصل