كتب نقولا أبو فيصل “بين القلق من الموت والقلق من الحياة موت بطيء”
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
يمكننا النظر إلى القلق من الموت والحياة من عدة جوانب: فالقلق من الموت يمكن أن يكون ناتجًا عن الغموض المحيط بالموت وما بعده، وهو جزء من الطبيعة البشرية لأننا نفهم الحياة على أساس الوجود والحركة ، ويمكن أن يتأتى هذا القلق أيضًا من الأفكار حول الفقدان والوداع لأحبائنا. اما القلق من الحياة فقد يكون ناتجًا عن التحديات والمسؤوليات في الحياة اليومية، وضغوطات العمل والعلاقات الاجتماعية ، ويمكن أن يكون الشعور بعدم الاستقرار أو عدم اليقين حول المستقبل مصدرًا لهذا القلق والتوتر لدى الكثير من الأشخاص عندما لا يكون هناك وضوح حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل، فقد يشعر الناس بالقلق بشأن مدى قدرتهم على التعامل مع التحديات المحتملة وتحقيق الأهداف التي يطمحون إليها ، لكن من المهم أن لا يسيطر هذا القلق على حياتنا. ويمكن التغلب على هذا القلق عبر تطوير خطط مستقبلية وواقعية، وتعزيز المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات وزيادة الشعور بالهدوء والاستقرار.
والتعامل مع القلق من الموت والحياة يمكن أن يشمل العديد من الاستراتيجيات مثل البحث عن اهداف في هذه الحياة، وممارسة التأمل والتفكير الإيجابي، والاستفادة من دعم الأصدقاء والعائلة، والبحث عن المساعدة الطبية في حال استمرار القلق بشكل مزعج . وشخصياً حين كنت صغيراً في قريتي المتواضعة كفرزبد حيث ولدت وعشت بعض سنوات طفولتي فيها ، وكنت أعيش هذا القلق ، وكنت اسمعهم يقولون “أن الضربة التي لا تقتلك تجعلك أقوى”..لذا دعوني أحدثكم عن الناجين من الضربات القاتلة وأنا منهم : فالناجون من الضربات القاتلة يمكنهم أن يحدثوكم عن هذا الخوف الذي يلازمهم بقية حياتهم، الخوف من اﻷيام، الخوف من ضربة جديدة ، يمكنهم أن يحدثوكم كيف فقدوا الشعور باﻷمان في لبنان نتيجة الاضطرابات السياسية، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتدهور الظروف المعيشية، وتفشي الفساد. لذا يجب العمل على تعزيز الأمان والاستقرار من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وتقديم الدعم النفسي للشعب اللبناني المقيم وخاصة لاهلنا في جنوب لبنان الذين يعانون من نتائج الحرب
أضف الى ذلك فأن الناجين من الضربات القاتلة يصابون بنوع من تبلد المشاعر، ويصبحون لا مبالين، لا شيء يحزنهم، لا شيء يسعدهم، أصبحوا يعرفون جيداً حقيقة أن لا شيء يدوم .. الناجون من الضربات القاتلة يعيشون وحيدين مهما كان الزحام حولهم ..”ورغم أنهم يموتون من الحنين الى ذلك الماضي، فإنهم لن يعودوا اليه مطلقًا ..”كما يقول الصحافي الاورغواري إدواردو غاليانو . ولكي أكون صريحاً أنا الان شخص لا اعيش القلق من الموت ولا أجد في ذلك أي أَلَم أو عناء. أضف أنني اعيش مع الرب يسوع فهو يرعاني ، وأجد في الحياة متعة وانتاجية من خلال العمل . كما انه “ليس ثمة قلق من الموت ،كل قلق هو قلق من العيش، فالعيش هو الشيء الوحيد الذي يبعث على القلق” كما يقول عالم النفس الفرنسي جاك لاكان
نقولا ابو فيصل