فكر فيها! بقلم نقولا أبو فيصل
فكر فيها!
يبدو أن من أعتاد على القلق ظنّ الطمأنينة كمينًا ! وهذا واقع يعيشه اللبنانيون ، فمن أعتاد على الصراعات والقلق المزمن يصعب عليه تقبّل فكرة الطمأنينة أو حتى هدنة مؤقتة لأن الشعور بالراحة يصبح محفوفاً بالحذر ، وكأن هناك خطراً يختبئ خلف الهدوء . وفي هذا السياق قد تُعتبر هدنة الستين يوماً بعد العدوان على لبنان فرصة لإعادة التقاط الأنفاس والتفكير في تغيير الولاءات التي استجلبت الخراب ، ويبدو أن هذه الهدنة وكأنها مجرد تأجيل مؤقت لتوتر لا يزال كالنار تحت الرماد .
وبحسب رأي الجميع في لبنان وانا منهم ، فأن هذه الهدنة أيًا كانت مدتها هي فرصة لكنها ليست حلًا بحد ذاتها . فلبنان يعاني من مشاكل عميقة تتعلق بالنظام السياسي ، الفساد والتجاذبات الإقليمية وهذه المشاكل لن تُحل عبر هدنة مؤقتة فقط . وما يقلقني هو أن الهدنات غالباً ما تُستخدم كمسكّن للألم لا كعلاج للمرض . والأسوأ أن الأطراف المتنازعة قد تستغلها لترتيب أوراقها بدلاً من العمل على حل حقيقي .ومع ذلك، يمكن أن تكون الهدنة مفيدة إذا استُغلت بوعي لإطلاق حوار صادق وشامل بين الأطراف المختلفة.
لكن المشكلة الأعمق تكمن في غياب الثقة فالمواطن الذي عاش الأزمات المتكررة بات ينظر إلى أي هدوء كأنه استراحة قصيرة قبل عاصفة جديدة . وعليه إذا لم تترافق هذه الهدنة مع خطوات جدّية باتجاه إصلاحات فعلية وتخفيف معاناة الناس اليومية فلن تكون أكثر من استراحة عابرة بين فصول من القلق . ورغم كل شيء دعونا نأمل أن هذه الهدنة قد تحمل في طيّاتها فرصة ذهبية إذا استُغلت بحكمة خصوصاً إذا اقترنت بإرادة دولية وإقليمية صادقة لدعم لبنان في الخروج من أزماته المزمنة عبر انتخاب رئيس للجمهورية يتمتع بمواصفات تنطبق على القائد جوزاف عون، صاحب الشخصية القوية والرجل الشجاع ، وعندها يمكن للبنان أن يتحوّل إلى نموذج للاستقرار والازدهار بالتوقيت مع إستفاقة دول المحور الايراني الواحدة تلو الاخرى ، هذا المحور الذي لم يستجلب الا الخيانة والهروب والموت .
نقولا أبو فيصل كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع