عن وجع الأبطال الصامتين.. كتب نقولا أبو فيصل

فكر فيها!
وجع الأبطال الصامتين ….
في آذار من العام 2023 وجد بيار رينيه الصقر منتحراً في جرود زحلة حيث كان يقاوم في الثمانينات ، وفي تشرين الأوّل من العام 2025 لحقه جان ناضر “أبو حربة”. رجلان من رجال زحلة الذين وقفوا في وجه الحصار والنار، وصمدوا حين خاف الآخرون . قاتلوا لأجل لبنان، لأجل المدينة التي لا تنام على ضيم، ولأجل القيم التي حملوها في صدورهم كسلاح أنبل من البندقية . لكنّهما في زمن السِّلم خسروا الحرب الأصعب… حرب البقاء. الوجع واحد والسبب واحد ، وهو الوضع الاقتصادي الذي بات ينهش ما تبقّى من كرامة الناس . أولئك الذين واجهوا الموت يوميًا لم يخافوه لكنّهم خافوا اليوم من العوز ، من الوحدة ، من مجتمع نسيهم .
كيف لمن قاوم الاحتلال السوري لوطنه أن يُهزم أمام لقمة العيش وثمن دواء ,وكيف لمجتمعٍ يرفع رايات الشهادة أن يترك أبطاله يموتون بصمت , رحلوا تاركين لوعة لا تُطفأ، وسؤالًا لا جواب له:هل بقي من الوقت ما يكفي لاحتضان من بقي من هذا الرعيل، ماديًّا ومعنويًّا، قبل أن يختفي الصوت الأخير من جيلٍ صنع الكرامة بيديه؟ لم يكن الفقر وحده سببًا، بل شعور بعدم الجدوى، وانعدام الدعم، والإحباط من واقع لم يعد يُكافئ من قاوموا من أجل زحلة. في زمن الحرب كانت الروح الوطنية تمنح القوة، لكن في زمن السلم صار الغياب الحكومي والاقتصادي والإهمال الاجتماعي كابوسًا يوميًا ينهش القلب قبل الجسد.
الأبطال الذين صنعوا مجد زحلة في الحصار السوري والاعتداءات المتكررة، يستحقون أكثر من ذكرى عابرة. يحتاجون إلى مجتمع يرفعهم، دعمًا ماديًا ومعنويًا، وبرنامجًا يعيد لهم الكرامة والشعور بالأمان، قبل أن تتحول لوعتهم إلى صمت دائم. وبين الألم واليأس، يبقى الرجاء نافذة يجب أن نتمسك بها ونرفع صلواتنا لأجل الذين رحلوا ونقف مع من تبقى لنحوّل الجرح إلى قوة، والخسارة إلى حافز للوفاء لمن صنعوا التاريخ بدمهم وروحهم. مع آلامك يا يسوع نرفع صلاتنا لأجلهم، ولأجل وطنٍ يُدفن يوميًا،لكنّنا سنبقى أبناء الرّجاء…الراحة الدائمة أعطهم يا رب، والنور الدائم فليضيء لهم. المسيح قام.
نقولا أبو فيصل ✍️












