العدوان على غزة: 4 شهداء وعشرات الجرحى
ازداد التصعيد الإسرائيلي في اليومين الماضيين بشكل مباغت ضد قطاع غزة، على الرغم من طرح مبادرات عدة من الأمم المتحدة ومصر للوصول إلى تهدئة بين «حماس» وإسرائيل تؤسس لـ«هدنة طويلة» من شأنها التخفيف عن القطاع المُحاصر منذ أكثر من 11 عاماً.
وشهد القطاع منذ أول من أمس تصعيداً من قبل الاحتلال أدى إلى سقوط 4 شهداء بينهم امرأة وطفلتها وجنينها الحامل به في الشهر التاسع، وإصابة 40 شخصاً وتدمير عشرات المنازل والمباني، فيما ردت المقاومة بإطلاق عشرات الصواريخ على المستوطنات المحاذية للقطاع، واستهدفت للمرة الأولى منذ عدوان «الجرف الصامد» في العام 2014، بصاروخ «غراد» مدينة بئر السبع التي تقع على نحو 45 كيلومتراً من حدود القطاع.
وبدا العدوان الإسرائيلي العنيف والواسع ضد قطاع غزة مباغتاً للمراقبين على ضوء مؤشرات على الأرض كانت تشي بأننا في «ربع الساعة الأخير» قبل صفقة التهدئة بين «حماس» وتل أبيب برعاية مصرية ـ دولية، بعدما أعلنت «حماس» رسمياً «دخول مرحلة» الرقص مع الذئاب، أي التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، وذلك مع وصول وفد «حماس» إلى القاهرة حاملاً معه ردوداً إيجابية حول ثلاث ملفات هي: التهدئة، تبادل الأسرى، والمصالحة الفلسطينية، بعدما تدارس المكتب السياسي للحركة بجناحيه الداخلي والخارجي كل الملفات على مدار أسبوع.
ويمكن وصف التصعيد الإسرائيلي بـ«المباغت والاستثنائي» من حيث حجمه ونتائجه وسياقاته، حيث كان الاحتلال قبل أسابيع يحرص على القيام بعمل صغير ضد المقاومة لا تنتج عنه ضحايا بشرية، في إطار سياسة «عدم كسر الأواني».
وكشفت مصادر فلسطينية عن وجود اتصالات مصرية وقطرية وأممية منذ اللحظة الأولى لوقف التصعيد في قطاع غزة.
وقالت المصادر إن «حماس» وجهت رسائل واضحة بأن الهدوء سيقابله هدوء، فيما وجهت إسرائيل رسالة تهديد عبر مصر بأنها ستشن هجمات واسعة النطاق في غزة في حال لم يتم وقف الهجمات الصاروخية من القطاع.
ونقلت وكالة «معا» الفلسطينية عن مصدر مصري مسؤول قوله إن القاهرة تبذل منذ أول من أمس جهوداً كبيرة وحثيثة لوقف التصعيد الميداني والهجمات الإسرائيلية.
ورأى مراقبون أن إسرائيل تريد من جولة التصعيد الحالية إنهاء معادلة المقاومة المتمثلة بـ«القصف بالقصف والرد بالرد»، وبالتالي سيقتصر الأمر على الفعل ورد الفعل فقط، حيث تأمل تل أبيب إنهاء ظاهرة إطلاق الطائرات الورقية المشتعلة من القطاع ومسيرات العودة التي أنهكت جيشها لأكثر من 4 أشهر، وهي وصلت إلى حد التلويح بالحرب البرية سعياً منها لامتلاك اليد العليا في أي مفاوضات وتهدئة لاحقاً.
وإذ يمكن تسمية جولة التصعيد الحالية بـ«عض الأصابع» بين عدوين لا يرغبان بانفلات الوضع نحو حرب شاملة، فإن التقدير هو أن «التعادل» في ظل ضغوط داخلية على الحكومة الإسرائيلية وضغوط إقليمية ودولية على «حماس» سيؤسس لتفاوض على ما يتجاوز التهدئة نحو «هدنة طويلة» مع آليات ضبط واضحة.
وأجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالات دولية مُكثفة وعلى المستويات كافة لوقف التصعيد الإسرائيلي. ونبه عباس إلى خطورة هذا التصعيد، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري والعاجل لوقفه وعدم جر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التطورات في غزة وتعتقد أن الموقف مقلق للغاية لكنها قالت إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها. وقالت هيذر ناورت المتحدثة باسم الوزارة “الوضع في غزة مقلق للغاية. نندد بشكل عام بهجمات الصواريخ على إسرائيل وندعو لوضع حد لهذا العنف المدمر”.
وبعد تقارير عن مصدر فلسطيني رسمي بشأن التوصل إلى اتفاق تهدئة مع «حماس»، نفى مصدر إسرائيلي تلك الأنباء حسبما نقلت فضائية «العربية».
وخلال الليل قصفت طائرات إسرائيلية أكثر من 150 هدفاً في قطاع غزة في حين أطلق مسلحون فلسطينيون عشرات الصواريخ صوب إسرائيل بينها صاروخ طويل المدى في تصعيد للاشتباكات على الرغم من محادثات للتهدئة لتجنب نشوب صراع شامل.
وقال مسؤولون طبيون محليون إن امرأة حامل ورضيعها البالغ من العمر 18 شهراً وعضواً في حماس قتلوا في الهجمات الإسرائيلية. وشارك المئات في جنازة المرأة ورضيعها.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سبعة أشخاص أصيبوا في جنوب إسرائيل بسبب إطلاق صواريخ وقذائف مورتر عبر الحدود.
وفي أعقاب التطورات الميدانية، دفع جيش الاحتلال، بتعزيزات عسكرية جديدة على الحدود، مع قطاع غزة وأعلن عن نشر بطاريات جديدة لمنظومة «القبة الحديدية».
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت بأنه لأول مرة منذ عملية الجرف الصامد، تدوي صفارات الإنذار في مناطق بئر السبع، والنقب، بعد إطلاق صواريخ غراد من غزة.
وانطلق دوي أبواق سيارات الإسعاف خلال الليل في غزة حيث تجمع السكان في منازلهم بينما كانت الانفجارات العنيفة تهز المباني. وعلى الجانب الآخر من الحدود لم تتوقف تقريباً صفارات الإنذار من الصواريخ عن الدوي منذ غروب شمس الأربعاء في بلدات وقرى في جنوب إسرائيل حيث لجأ السكان إلى المخابئ.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن صاروخاً طويل المدى أطلق من قطاع غزة سقط في منطقة غير مأهولة خارج أكبر مدينة في جنوب إسرائيل. وقالت الإذاعة إن الصاروخ من طراز غراد ويمكنه الوصول إلى عمق إسرائيل وإنه سقط على أرض فضاء على مشارف بئر السبع.
وانطلقت صفارات الإنذار من الصواريخ في بئر السبع التي يقطنها نحو مئتي ألف نسمة وتقع على بعد نحو 45 كيلومتراً من قطاع غزة.
وردت إسرائيل بقصف مبنى متعدد الطوابق في غزة وسوته بالأرض في انفجار عنيف هز المدينة وأطلق سحباً من الغبار والدخان.
وقال سكان إن المبنى كان مركزاً ثقافياً. وقال مسؤولون محليون في قطاع الصحة إن 18 من المارة أصيبوا خارج المبنى. ونفت حماس استخدامها للمنشأة.
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً لمجلس الوزراء الأمني المصغر مساء الخميس. وقال بيان صادر عن مكتبه إن الاجتماع وجه الجيش «بمواصلة العمل باستخدام القوة ضد الإرهابيين».