المشكلة ليست عند جنبلاط المتمسّك بحقه
على الرغم من “جوهريّة” العقدة الدرزيّة، إلا أنها لا تَستَوجب هذا القدر من التعقيد المُعطِّل في التعامل معها، خصوصاً إذا ما تذكّر المعنيّون بتشكيل الحكومة ما حصل في بعض الحكومات، التي شُكِّلت بعد الخروج السوري في الفترة الممتدّة من العام 2005 حتى اليوم.
حيث شارك النائب “السابق” وليد جنبلاط في كل الحكومات، إلا أن المشاركات المُميّزة تمثّلت بالتالي:
– في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة (2005 – 2008)، التي افتقدت خلال ولايتها إلى “الشرعية الميثاقية” بسبب إستقالة كامل وزراء الطائفة الشيعيّة منها، كان لجنبلاط 3 وزراء من أصل 24 وزيراً، “درزيّان ومسيحي”، رغم أن ذلك يخالف العُرف المتّبع في الحكومات المؤلّفة من 24 وزيراً، هم الوزراء “مروان حمادة، غازي العريضي ونعمة طعمة”.
– في حكومة الرئيس سعد الحريري (2009 – 2011)، التي أُسقِطَت بإستقالة الثلث المُعطِّل منها، كان لجنبلاط 3 وزراء “دروز” من أصل 30 وزيراً، جميعهم ينتمون إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، هم الوزراء “غازي العريضي، أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور”.
– في حكومة الرئيس تمام سلام (2014 – 2016)، كان لجنبلاط وزيران “درزيّان” من أصل 24 وزيراً، ينتميان إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، هما الوزيران “أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور”.
بينما، وفي الفترة ذاتها، اقتصرت مشاركة المير طلال ارسلان على الحكومات التالية:
– حكومة الرئيس فؤاد السنيورة (2008 – 2009)، رغم أنه لم يكن نائباً في حينه.
– حكومة الرئيس نجيب ميقاتي (2011 – 2014)، التي استقال منها وعُيّنَ مكانه الوزير مروان خير الدين.
– حكومة الرئيس سعد الحريري (2016 – …) التي تُصرّف الأعمال حالياً بإنتظار تشكيل الحكومة الجديدة.
تُبيّن هذه المعطيات أنه سبَقَ لجنبلاط أن احتكر تمثيل طائفته درزيًاً وحزبيّاً في حكومة الحريري (2009 – 2011) علماً أن ارسلان كان نائباً في تلك الفترة، وأيضاً سبق لجنبلاط أن تمثَّلَ سياسياً بما يفيض عن تمثيله الطائفي كما في حكومة السنيورة (2005 – 2008)، ورغم ذلك لم يُسجَل أن فريقاً أبدى اعتراضاً أو قلقاً.
المشكلة ليست عند جنبلاط المتمسّك بحقه في تمثيل طائفته حكوميّاً بالوزراء الثلاثة، بل المشكلة عند مَن ما يزال يتّبع “عُرف” توزيع المقاعد الوزارية على الطوائف رغم علمه بأن هذا “العُرف” لا يتناسب مع “جدول” توزيع المقاعد النيابيّة طوائفيّاً، وبالتالي لا يمكن للجمع بين “العُرف والجدول” أن يجعل من نتائج الانتخابات النيابيّة معياراً صالحاً لـ “تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة” وفق منطوق المادة (95) من الدستور.
والصحيح أنّ الانتخابات النيابية التي جرت على أساس قانون انتخابي “مشكوك بنسبيّته” قد أنتجت أحجاماً طائفيّة “لا سياسيّة”، بدليل سعي البعض – للتمويه رغم الإنكشاف – إلى “مقايضة” وزير مسلم بوزير مسيحي أو بالعكس.
لا علاج دائم لقلق البعض من قدرة جنبلاط أو غيره من المشاركين في الحكومة على تعطيل عملها “ميثاقيّاً” إلا من خلال تفسير في مجلس النوّاب “سيّد نفسه” أو “إجماع” من المكونات الطائفيّة والقوى السياسيّة يجزم بأنّ:
مقتضى الفقرة (ي) من مقدمّة الدستور “لا شرعيّة لأيّ سُلطة تناقض ميثاق العيش المشترك” لا يَسرِي على أعمال ومقرّرات أيّ سُلطة بعد إنشائها، بحُكم أنّ “الشرعيّة الميثاقيّة” هي شرعيّة تأسيسيّة لا إجرائيّة.
حسن سعد/ ليبانون فايلز